Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence
الموسوعة الفقهية الكويتية
Lambar Fassara
من ١٤٠٤
Shekarar Bugawa
١٤٢٧ هـ
Nau'ikan
لاَقَى عَيْنًا لاَ يَصِحُّ، مَحْمُولٌ - كَمَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ - عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الإِْبْرَاءُ الْمُقَيَّدُ بِالْعَيْنِ.
ثُمَّ قَال: وَمَعْنَى بُطْلاَنِ الإِْبْرَاءِ عَنِ الأَْعْيَانِ أَنَّهَا لاَ تَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى دَعْوَاهُ، بَل تَسْقُطُ فِي الْحُكْمِ. وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لاِبْنِ عَابِدِينَ: مَعْنَاهُ أَنَّ لِلْمُبْرِئِ أَخْذَ الْعَيْنِ مَا دَامَتْ قَائِمَةً، فَلَوْ هَلَكَتْ سَقَطَ (أَيْ ضَمَانُهَا) لأَِنَّهَا بِالإِْبْرَاءِ صَارَتْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ، أَيْ أَمَانَةً. (١)
وَقَدِ اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ عَدَمِ تَصْحِيحِ الإِْبْرَاءِ عَنِ الْعَيْنِ نَفْسِهَا مَا لَوْ كَانَتِ الْعَيْنُ مَضْمُونَةً، كَالدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، فَإِنَّ الإِْبْرَاءَ عَنْهَا صَحِيحٌ سَوَاءٌ أَكَانَتْ هَالِكَةً أَمْ قَائِمَةً، لأَِنَّ الْهَالِكَةَ كَالدَّيْنِ، وَالْقَائِمَةَ يُرَادُ الْبَرَاءَةُ عَنْ ضَمَانِهَا لَوْ هَلَكَتْ، فَتَصِيرُ بَعْدَ الإِْبْرَاءِ كَالْوَدِيعَةِ، وَالإِْبْرَاءُ عَنِ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ أَمَانَةٌ يَصِحُّ قَضَاءً لاَ دِيَانَةً.
الإِْبْرَاءُ عَنِ الْحُقُوقِ:
٤٢ - الْحُقُوقُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ حَقًّا خَالِصًا لِلَّهِ ﷿، أَوْ حَقًّا خَالِصًا لِلْعَبْدِ، أَوْ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهَا حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ مَعَ غَلَبَةِ أَحَدِهِمَا. وَهِيَ إِمَّا مَالِيَّةٌ كَالْكَفَالَةِ، أَوْ غَيْرُ مَالِيَّةٍ، كَحَدِّ الْقَذْفِ.
وَالإِْبْرَاءُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعُهُ حَقًّا بِعَيْنِهِ، أَوْ جَمِيعَ الْحُقُوقِ، بِحَسَبِ الصِّيغَةِ، كَمَا لَوْ قَال: لاَ حَقَّ لِي قِبَل فُلاَنٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، مِمَّا يَقْتَضِي الْعُرْفُ اسْتِيعَابَهُ جَمِيعَ الْحُقُوقِ، عَلَى الرَّاجِحِ الْمُصَرَّحِ بِهِ عِنْدَ
(١) حاشية ابن عابدين ٤ / ٣٣٨، وتنبيه الأعلام (من مجموعة رسائل ابن عابدين ٢ / ٨٨)، إعلام الأعلام له أيضا ٢ / ٩٧، ٩٨
الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ مِنِ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ وَعَدَمِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الأَْلْفَاظِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الدَّلاَلَةِ بِحَسَبِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، كَمَا قِيل مِنْ أَنَّ (عِنْدَ) وَ(مَعَ) لِلأَْمَانَاتِ، وَ(عَلَى) لِلدُّيُونِ، عَلَى مَا سَبَقَ.
وَقَدْ تَوَسَّعَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمُرَادِ بِالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ حَتَّى جَعَلُوهَا تَشْمَل " الدُّيُونَ وَالْقَرْضَ وَالْقِرَاضَ وَالْوَدَائِعَ وَالرُّهُونَ وَالْمِيرَاثَ، وَكَذَلِكَ الْحَقُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الإِْتْلاَفِ كَالْغُرْمِ لِلْمَال " وَهُوَ إِطْلاَقٌ اصْطِلاَحِيٌّ لَيْسَ خَاصًّا بِهِمْ، فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ قَال: لاَ حَقَّ لِي قِبَل فُلاَنٍ، يَدْخُل الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ وَالْكَفَالَةُ وَالْجِنَايَةُ. (١)
فَالإِْبْرَاءُ عَنِ الْحُقُوقِ الْخَالِصَةِ لِلْعَبْدِ، كَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ، صَحِيحٌ بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. أَمَّا الْحُقُوقُ الْخَالِصَةُ لِلَّهِ ﷿، كَحَدِّ الزِّنَى فَلاَ يَصِحُّ الإِْبْرَاءُ عَنْهَا. وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ بَعْدَ طَلَبِهِ، وَحَدِّ السَّرِقَةِ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ. وَأَمَّا الْحُقُوقُ الَّتِي غَلَبَ فِيهَا حَقُّ الْعَبْدِ، كَالتَّعْزِيرِ فِي قَذْفٍ لاَ حَدَّ فِيهِ، فَيَصِحُّ الإِْبْرَاءُ عَنْهُ. وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ مَوْطِنُهُ الأَْبْوَابُ الَّتِي يُفَصَّل فِيهَا ذَلِكَ الْحَقُّ.
الإِْبْرَاءُ عَنْ حَقِّ الدَّعْوَى:
٤٣ - الإِْبْرَاءُ عَنِ الدَّعْوَى إِمَّا أَنْ يَرِدَ عَامًّا أَوْ خَاصًّا، وَكَذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَحْصُل أَصَالَةً أَوْ تَبَعًا، وَبَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
(١) السياسة الشرعية لابن تيمية ٦٩ / ١٢٠، وفتح القدير لابن الهمام ٤ / ١٦٢ ط بولاق، والدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٤١١، إعلام الأعلام لابن عابدين ٢ / ٩٨، وحاشية ابن عابدين ٣ / ١٨٦
1 / 161