وهكذا نرى أن المسلمين عرفوا فن تصوير الأحياء، وكانت عصور ازدهر فيها ذلك الفن، وأعظم ما وصل إلينا من بقايا الصور في صدر الإسلام ما نجده على سقف قصير عمرا وجدرانه، ثم ما عثر عليه الألمان في سامرا.
9
وأما في العصر الفاطمي فلا شك في أن صناعة التصوير أينعت، وكانت لها ثمرات طيبة؛ إذ إننا إذا استثنينا الحاكم بأمر الله، فقد كان خلفاء الفواطم شديدي التسامح الديني، ويدل ما يرويه المؤرخون، ولا سيما المقريزي، على أنهم كانوا يشجعون المصورين ويشملونهم برعايتهم، وكان الوزراء وكبار رجال الدولة يحذون حذو الخلفاء، وطبيعي أيضا أن يقفو أثرهم الأغنياء وأعيان التجار.
وقد أشار المقريزي
10
إلى كتاب في طبقات المصورين؛
11
ولكن هذا الكتاب فقد، ولم يصل إلينا منه شيء مقتبس في كتابات مؤلفين آخرين، اللهم إلا ما رواه المقريزي في هذه المناسبة، وليست هذه الحقيقة المرة مما يشعر بأن المؤرخين والعلماء في عصر المماليك وفي العصور التي تلته كانوا يعنون بالمصورين ورجال الفنون قسطا من عنايتهم بالمحدثين، والأئمة، والشعراء، والأدباء، والفلاسفة، والأطباء والخطاطين. وقد كتب المقريزي عن كتاب طبقات المصورين فقال: إنه كان يسمى «ضوء النبراس وأنس الجلاس في أخبار المزوقين من الناس»، وذلك في الحديث الذي رواه عن المنافسة بين المصورين ابن عزيز وقصير.
وقد دعاه إلى ذكر هذا الحديث وصفه لصور ونقوش ملونة كانت في جامع القرافة الذي بنته على نسق الجامع الأزهر السيدة زوجة الخليفة المعز، على يد الحسن بن عبد العزيز الفارسي المحتسب.
12
Shafi da ba'a sani ba