ونقل المقريزي أن الذي كان ينفق على هذه الخزانة في كل سنة من سبعين ألف دينار إلى ثمانين ألف دينار، وذلك منذ بنى القائد جوهر القصر الكبير سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة حتى ذهبت طعمة للنيران سنة (461ه) إلا جزءا منها عاد إليه عماره تدريجيا؛ حتى استطاع الخليفة أن يخرج منه ذات مرة خمسة عشر ألف سيف محلاة بالجوهر .
والمعروف أن خزانة البنود أو جزءا كبيرا منها جعل بعد هذا الحريق سجنا للأمراء والوزراء والأعيان، حتى سقطت الدولة الفاطمية؛ واتخذها الأيوبيون كذلك سجنا يعتقلون فيه الأمراء والمماليك، كما اتخذها سلاطين المماليك بعد ذلك مأوى للأسرى الفرنج.
136
كنوز الفاطميين بعد الشدة العظمى
تحدثنا حتى الآن عما في قصور الفواطم من كنوز فنية نهبها الجند في الشدة العظمى، وبقي أن نذكر أن ناصر الدولة الذي كان قائدا للجيش واستبد بالأمر ثار عليه الجنود الترك، واضطروه إلى الفرار إلى الإسكندرية، حيث جمع جيشا من الجند الترك الآخرين ومن العرب وعاث به فسادا في الدلتا، مفسدا في الترع والجسور، ومانعا الأطعمة عن مصر، وكان ذلك مع انخفاض النيل في بعض السنين سبب ما حل بالبلاد من القحط والمسغبة.
واستطاع ناصر الدولة أن يدخل القاهرة سنة (466ه/1073م)، واستولى على مقاليد الأمور، ولعله عقد العزم على عزل المستنصر، والخطبة في القاهرة للقائم الخليفة العباسي بعد أن فعل ذلك في الدلتا؛ ولكن أقرانه ومنافسيه من رؤساء الجند الترك قتلوه هو وأقاربه،
1
وخلا الجو للمستنصر فبعث إلى بدر الجمالي حاكم عكا يطلب إليه القدوم إلى مصر لإصلاح شأنها، وتطهيرها من عناصر الثورة والفساد، وقام بدر الجمالي بمهمته خير قيام فمنحه المستنصر لقب أمير الجيوش وماتا في سنة واحدة
2 (487ه/1094م).
وكان الذين جاءوا من بعد المستنصر من الخلفاء الفاطميين ضعافا، فكان الوزراء هم أصحاب الأمر والنهي في البلاد، على أن هذا لم يمنع عودة الرخاء إلى البلاد شيئا فشيئا، وعظمت ثروة الوزراء كما يظهر من وصف ابن ميسر لما خلفه الأفضل شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي وصفا يذكرنا بما كان في قصور الفاطميين قبل الشدة العظمى من آنية نفيسة، وجواهر غالية، وأقمشة فاخرة، وخزف بديع، وبلور ثمين.
Shafi da ba'a sani ba