322
أما التحف الخشبية التي ترجع إلى عصر الفاطميين فعظيمة القيمة بنوعها، ودقة صناعتها، وجمال زخارفها، وخطر المناسبات التي صنعت فيها، أو الأبنية التي استخدمت بها.
وهي موزعة على عصر الفاطميين كله، فبينها ما يرجع إلى حكمهم في شمالي أفريقيا، وما يرجع إلى بداية حكمهم في وادي النيل، أو إلى أوج عزهم فيه، أو إلى نهاية دولتهم وبدء اضمحلالها، وبينها ما صنع في صقلية وتأثر بأساليبهم الفنية، وما ينسب إلى بني زيري، خلفائهم في شمالي أفريقيا، الذين كانوا أتباعهم فنيا، كما كانوا أتباعهم سياسيا، فترة غير قصيرة من الزمن.
أما الذي يرجع تاريخه إلى حكمهم في شمالي أفريقيا فباب في جامع سيدي عقبة على مقربة من مدينة بسكرة بالجزائر، ويظن أنه صنع بأمر الخليفة الفاطمي المنصور (334-341ه/946-953م) لضريح سيدي عقبة في جامع طبنة وهي بلدة قريبة من بسكرة،
323
وهذا الباب من خشب الأرز، وله مصراعان، في كل منهما قضيب خشبي يقسمه قسمين عدا القضيب الخشبي الذي يغطي ملتقى المصراعين، وعلى كل حال فإن إطار الباب وعتبته الفوقانية، والقضبان الخشبية الثلاثة، كلها مغطاة بزخارف محفورة من رسوم هندسية، وفروع نباتية، وخطوط منحنية على شكل حرف
S ، والناظر إلى طراز هذه الزخارف يرى لأول وهلة أن ثمة علاقة بينها وبين طراز الزخرفة العباسي، وأنها ليست غريبة عن بعض الزخارف التي ترى فوق بواطن بعض العقود بالجامع الطولوني.
324
ولا ينفي كل هذا أن زخارف هذا الباب تقوم على أساليب من الفنين الأغلبي والبيزنطي، ووجود العلاقة الوثيقة بين كل هذه الأساليب الفنية التي سادت على ضفاف البحر الأبيض المتوسط أمر مفروغ منه، ومهما يكن من شيء فإننا سنرى أن الزخارف المحفورة على الأخشاب الفاطمية تأخذ في التطور، حتى تبتعد الشقة بينها وبين زخارف الباب السالف الذكر.
ولعل أقرب التحف إلى طراز هذا الباب هي - بطبيعة الحال - التحف التي ترجع إلى العصر الذي كان يحكم فيه بنو زيري في إفريقية، تابعين للفاطميين أولا، ثم مستقلين عنهم بعد ذلك.
Shafi da ba'a sani ba