287
ويروون أن الجامع الأموي بدمشق كان به في محراب الصحابة إناء من البلور، يلمع ويضيء مثل السراج ويسمى القليلة، وكان الخليفة الأمين يحب البلور، فكتب إلى صاحب الشرطة في دمشق أن ينفذ إليه القليلة، فسرقها ليلا، وبعث بها إليه، فلما قتل الأمين، رد المأمون القليلة إلى دمشق، ليشنع بها على الأمين.
288
وقد مر بنا حديث ناصر خسرو عن سوق القناديل ونضيف هنا أنه أعجب أشد الإعجاب بما شاهده من البلور الصخري فيه، وأثبت أنه كان غاية في الجمال والإبداع، وأنه كان مشغولا بأسلوب فني، على يد صناع لهم ذوق رقيق، وذكر في هذه المناسبة أن البلور كان يجلب من بلاد الغرب، حتى قبل رحلته إلى مصر بزمن وجيز، حين جيء ببعضه من إقليم البحر الأحمر، وكان هذا النوع الجديد أجمل من المغربي وأكثر منه شفافية.
289
ومن المحتمل أن جلب البلور الصخري من مصر نفسها كان سببا في انخفاض ثمنه، وإنتاج التحف الكثيرة منه حتى كان منها في كنوز الخلفاء الفاطميين ووزرائهم وكبار رجال دولتهم ما مر بنا ذكره في القسم الأول من هذا الكتاب، وما نقرأ من أخباره في كتاب المستطرف للأبشيهي وكتاب مطالع البدور للغزولي.
وليس في دار الآثار العربية نماذج خطيرة الشأن من التحف المصنوعة من البلور الصخري، فإن أكثرها محفوظ الآن في كنائس الغرب ومتاحفه، ولعل السر في الحرص عليه وبقائه حتى الآن أن البلور الصخري كان يعتبر رمزا للنقاء الروحي؛ نظرا لشفافيته ونقاوته، فكان الغربيون يحفظون فيه بعض المخلفات المقدسة التي كانوا شديدي التعلق بها في العصور الوسطى.
وتشتمل مجموعة المسيو رالف هراري على بعض قطع من البلور الصخري، ولكن ليست لها شهرة القطع المعروفة في المتاحف والكنائس،
290
على الرغم من أن فيها قنينات صغيرة غاية في الدقة والجمال.
Shafi da ba'a sani ba