الْقيَاس، وَلَا يُوجد الْقيَاس بِدُونِ الِاجْتِهَاد؛ وتبدل رَأْي الْمُجْتَهد بِمَنْزِلَة انتساخ النَّص، يعْمل بِهِ فِي الْمُسْتَقْبل لَا فِيمَا مضى
[وَلَا يرجح الِاجْتِهَاد بِكَثْرَة الْمُجْتَهدين بِخِلَاف الرِّوَايَة فَإِنَّهَا ترجح بِكَثْرَة الروَاة]
الِاجْتِمَاع: هُوَ حُصُول المتحيزين فِي حيزين بِحَيْثُ يُمكن أَن يتوسطهما ثَالِث واجتماع المثلين فِي مَوضِع وَاحِد مُسْتَحِيل، وَأما عرُوض أَحدهمَا على الآخر فَلَا اسْتِحَالَة فِيهِ، كَمَا فِي قَوْلهم: (الْوُجُود مَوْجُود) وَأَيْضًا استحالته لَيْسَ مثل اسْتِحَالَة اجْتِمَاع النقيضين واجتماع الضدين محَال كالسواد وَالْبَيَاض، بِخِلَاف الخلافين فَإِنَّهُمَا أَعم من الضدين، فيجتمعان من حَيْثُ الأعمية كالسواد والحلاوة وَيجوز فِي كل من الضدين والخلافين والمثلين ارتفاعهما بضد آخر، أَو بِخِلَاف آخر، أَو بِمثل آخر؛ وَأما النقيضان فَلَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان، وشرطهما أَن يكون أَحدهمَا وجوديا وَالْآخر عدميا كالقيام وَعَدَمه
واجتماع النقيضين مَوْجُود فِي الذِّهْن مَعْنَاهُ أَن إِدْرَاك الذِّهْن النقيضين مَوْجُود فِي الْخَارِج، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَن اجْتِمَاع النقيضين لَهُ مَاهِيَّة أَو صُورَة مَوْجُودَة فِي الذِّهْن؛ فَإِن الممتنعات لَيست لَهَا ماهيات وحقائق مَوْجُودَة فِي الْعقل، فَإِن الْوُجُود عين الْمَاهِيّة، فَمَا لَا وجود لَهُ مَاهِيَّة لَهُ، لَا سِيمَا إِذا كَانَ مُمْتَنعا، فَإِنَّهُ لَا ثُبُوت لَهُ اتِّفَاقًا
واجتماع الْأَمْثَال مَكْرُوه، وَلِهَذَا قلبت الْيَاء الثَّانِيَة من الْحَيَوَان واوا، وَإِن كَانَ الْوَاو أثقل مِنْهَا، كَذَا فِي (دِينَار) و(قِيرَاط) و(ديوَان) وَمن ذَلِك قَوْلهم فِي الْجمع: (أخون) و(أبون) حَيْثُ أجري الْجمع على حكم الْمُفْرد حذار اجْتِمَاع ضمات أَو كسرات وَلما كَانَ هَذَا الْمَانِع مفقودا فِي التَّثْنِيَة رد الْمَحْذُوف فَقيل: (أَخَوان) و(أَبَوَانِ)
واجتماع العاملين على مَعْمُول وَاحِد غير جَائِز
وَلِهَذَا رد قَول من قَالَ: إِن الْفِعْل وَالْفَاعِل مَعًا عاملان فِي الْمَفْعُول، والابتداء والمبتدأ مَعًا عاملان فِي الْخَبَر؛ والمتبوع وعامله مَعًا عاملان فِي التَّابِع
وَإِذا اجْتمع العاملان فإعمال الْأَقْرَب جَائِز بالِاتِّفَاقِ، وَفِي الْأَبْعَد اخْتِلَاف مَنعه البصريون وَجوزهُ الْكُوفِيُّونَ
وَإِذا اجْتمعت همزتان متفقتان فِي كَلِمَتَيْنِ نَحْو: (جَاءَ أَجلهم) جَازَ حذف إِحْدَاهمَا تَخْفِيفًا وَفِي الْمَحْذُوف اخْتِلَاف فَقيل: الْمَحْذُوف هُوَ الأولى لِأَنَّهَا وَقعت آخر الْكَلِمَة مَحل التَّغْيِير، وَقيل: الثَّانِيَة
وَإِذا اجْتمعت همزَة الِاسْتِفْهَام مَعَ همزَة قطع نَحْو: ﴿أأمنتم من فِي السَّمَاء﴾
فَإِنَّهَا ترسم بِالْألف الْوَاحِدَة وتحذف الْأُخْرَى
وَاخْتلف فِي المحذوفة فَقيل: الأولى، لِأَن الْأَصْلِيَّة أولى بالثبوت، وَقيل: الثَّانِيَة، لِأَن بهَا يحصل الاستثقال
وَإِذا اجْتمع نون الْوِقَايَة وَنون (إِن) و(أَن) و(كَأَن) و(لَكِن) جَازَ حذف أَحدهمَا وَفِي الْمَحْذُوف قَولَانِ: أَحدهمَا، نون الْوِقَايَة، وَعَلِيهِ الْجُمْهُور، وَقيل: نون (إِن)
[وَإِذا اجْتمعت الهمزتان فِي كلمة وَاحِدَة: فالمختار عِنْدهم أَن تحذف إِحْدَاهمَا أَو تخفف،
1 / 46