كولومب :
يعز علي يا أبت أن أعيد نظري في الصفحات المنطوية من سجل حياتي؛ فهي تستنزف عبراتي وتؤثر في عواطفك الشريفة، فدعنا فالحديث شجون.
فرنسوى :
ابتدأ الخلاط يهيئ الأذهان لسماع أكاذيبه، آه ما أقدر هذا الصنف من البشر على استمالة القلوب!
جوان :
هات الحديث فلعل عندي باب فرج أفتحه بوجهك.
كولومب :
أبت، ولدت سنة 1436 في مدينة جانوا من أعمال إيطاليا، ومن بزوغ فجر صباي ملت إلى فن الجغرافية والرياضيات، وعشقت الملاحة مهنة والدي، ولم أكن أكره غير البطالة التي تفسد الشبيبة وتقودها إلى حضيض الفقر والهوان. وإذ كان أبي دومينيك كولومب مشهورا بركوب الأبحار أخذ يدربني ويعلمني مهنته، ثم أرسلني إلى كلية بافيا حيث أتقنت علم الفلك والجغرافية والهندسة، فخضت البحار في عمر البدر ليلة تمامه، وكان إعجاب الناس في شديدا والثناء ينهال علي من كل جانب. جلت أول الأمر في البحر وأخذت أسعى بتوسيع دائرة السفر فاستخدمت في سفينة نسيب لي كانت مسافرة في الأوقيانوس الشمالي، وكنت أطارد السفن الفينيسانية حتى وقعت في لجج الأخطار مرات عديدة، وقد اشتد القتال مرة بيني وبين أصحاب تلك السفن فاضطرمت النار في سفينتي وسفينة أخرى من سفنهم فارتبكوا في أمرهم، أما أنا فتمسكت بجذع من الخشب حتى قادتني يد العناية إلى شواطئ مملكة البرتوغال، وهناك في تلك الأقطار بقيت في حالة الخطر من جراء التعب أياما عديدة، ولما عوفيت سرت إلى ليزبونه عاصمة تلك المملكة، وهناك عرفت بحارتها أحذق بحارة العالم والساعين في اكتشاف طريق جديدة تؤدي إلى الهند الغربي، وعرفت أيضا في ليزبونه سيدة شريفة كريمة الشيفاليه برتولماوس، واقترنت بها فرزقني الله منها هذا الولد الذي تراه أمامك في جزيرة بورتوسانتو. (هنا يتنهد ويلتفت بولده التفاتة مملوءة حنانا وشفقة ويتوقف عن الحديث.)
جوان :
لا تقطع الحديث يا كولومب بالله عليك.
Shafi da ba'a sani ba