أما التمثال الثاني، الذي كان في السابق ضمن مجموعة ستافورد، فهو أكبر حجما ويصل طوله إلى 23 سنتيمترا ويتكون من رأس وكتفين فقط. ويتضمن زخارف منحوتة ولا توجد عليه آثار لأية أصباغ على السطح. يرتدي التمثال ياقة وشعرا مستعارا مصففا وقاعدة تاج في شكل دائرة من رءوس الكوبرا. يوجد على جبهة التمثال رأسان للكوبرا يرتدي أحدهما تاج مصر العليا والآخر تاج مصر السفلى وفي المنتصف يوجد رأس نسر مصنوع من سبيكة النحاس. صنعت العينان من الكالسيت ومما قيل إنه حجر اللازورد، ولكنه قد يكون زجاجا أزرق. يوجد شك في محله حول أصالة الكتابات المنقوشة وكذلك التماثيل نفسها، لكن ربما يقدم هذان الشكلان الخشبيان فكرة عن الشكل الذي كان عليه تمثال فيلة الديني الذي ذكر في الكتابة الديموطيقية الموجودة على الجدران عن كليوباترا السابعة.
توجد مجموعة من التماثيل الحجرية التي ربما تعبر عن كليوباترا السابعة بصفتها واحدة من الآلهة. تتميز هذه المجموعة عن التماثيل المذكورة في الفصل الرابع بأنها تحمل ملامح على الطراز الإغريقي، فتوجد بها واحدة أو أكثر من السمات الآتية: الشعر المستعار المجعد، قرن الوفرة، الرداء الفضفاض ذي الطيات. ترتدي هذه التماثيل أيضا رداء من نوع فريد، يتكون من جزأين ويربط إما فوق الصدر أو في منتصفه. إن هذا الشكل من الملابس مصري الطراز (بيانشي 1980)، لكنه يظهر أحيانا بشكل من الطيات التي يشيع وجودها أكثر في التماثيل المصنوعة على الطراز الإغريقي. استخدم هذا النوع من التماثيل في العصر الروماني للإشارة إلى الإلهة إيزيس (أشتون 2004أ: 49-50). إن السبب الذي يدفعنا إلى اعتقاد كون هذه التماثيل تصويرا دينيا وليس ملكيا هو وجود تماثيل منقوشة أقدم تتخذ هذا الشكل، ويرد فيها لقب «الإلهة» بعد اسم الملكة مثل التمثال سابق الذكر لأرسينوي الثانية الموجود حاليا في متحف ميتروبوليتان في نيويورك (شكل
4-3 )؛ (ووكر وهيجز 2001: 166-167، رقم 166؛ انظر أشتون 2001أ: 45-53، للاطلاع على مناقشة لهذه المجموعة من التماثيل).
شكل 6-4: تمثال رخامي لكليوباترا السابعة، متحف متروبوليتان، نيويورك.
يمكن ربط المثال الأول من التماثيل الخشبية سابقة الذكر بكليوباترا بسبب وجود خرطوشة كتب عليها اسمها بالهيروغليفية. لا يوجد مصدر معروف للتمثال (شكل
6-4 ) وهو موجود حاليا في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك (ووكر وهيجز 2001: 165، رقم 164؛ أشتون 2001أ: 41-42، 116-117، رقم 65، دليل الصور رقم 64؛ ستانويك 2002: 80، 125، إي14). إن حجم هذا التمثال أصغر بقليل من التماثيل الأخرى على الطراز المصري المنسوبة للملكة، التي تظهرها في صورة حاكمة/ملكة. صنع هذا التمثال من رخام جزيرة مرمرة، وهو نوع شاع استخدامه في الإسكندرية في عهد الرومان (أشتون 2001أ: 49 رقم 266). مثل التماثيل الأخرى، يحتوي هذا التمثال على عمود خلفي طويل كان يدعم تاجا في الأصل. تمسك يد التمثال اليسرى بقرن وفرة واحد واليد اليمنى تتدلى بكف مفتوحة على غير المعتاد على جانب الجسم بدلا من الإمساك بما يعرف باسم العمود الغامض حسب الأسلوب المصري المعتاد. ومثلما حدث مع التمثالين الخشبيين أثيرت شكوك حول أصالة هذه الخرطوشة (بيانشي 2003: 17-18) بناء على اتجاه العلامات وشكل العلامة الرابعة، التي كان يجب أن تظهر في شكل وهق (حبل لصيد الحيوانات) ولكنها ظهرت فعليا في صورة ثعبان؛ ومن ثم ربما تكون الخرطوشة إضافة حديثة كتبت في وقت لاحق. يظهر الشبه بالملكة في هذا التمثال أكثر من القطعة المكسورة الموجودة حاليا في متحف بروكلين للفنون (شكل
6-5 ؛ ووكر وهيجز 2001: 164، رقم 163؛ أشتون 2001أ: 49-50، 116-117، رقم 64؛ ستانويك 2002: 80، 124-125، إي14). صفف الشعر على نحو مماثل في كلا التمثالين؛ فهو مجموعة من الخصلات المجعدة تضم صفا من الشعر المجعد على شكل حلزون تشكل غرة، مع وجود ثلاثة رءوس للأفعى على إكليل بسيط الشكل. تشبه التجاعيد وشكل الإكليل رءوس كليوباترا الرخامية المصنوعة على الطراز الروماني (هيجز 2001: 203-207)، وصورة الملكة على العملات. كانت العينان في تمثال بروكلين مركبتين في الأصل وكان الشكل العام يعبر عن سيدة شابة، ذات وجنتين مستديرتين، وشفتين ممتلئتين مقوستين إلى الأسفل، وأنف صغير. إن أسلوب نحت هذا التمثال وطرازه مصريان بالكامل. كذلك كان العمود الخلفي يدعم تاجا في وقت من الأوقات. يختلف أسلوب نحت تمثال متحف متروبوليتان إلى حد ما من حيث ملامحه ذات الزوايا الأكثر حدة والمنحوتة بدقة أقل. تختلف عينا الملكة الموجودة في متحف متروبوليتان من حيث إنهما منحوتتان وليستا مركبتين، لكنهما تظلان كبيرتي الحجم على نحو مناسب. كذلك نجد أن فم تمثال متحف متروبوليتان مقوس إلى الأسفل مثل كثير من التماثيل في هذه المجموعة، لكن الشفتين لهما مظهر مشدود أكثر. يشبه استخدام رءوس الكوبرا الثلاثة النظام السائد في مجموعة التماثيل التي تحدثنا عن انتمائها إلى كليوباترا السابعة في الفصل الرابع.
شكل 6-5: تمثال من الحجر الجيري لكليوباترا السابعة، متحف بروكلين. صندوق تشارلز إدوين ويلبور.
من بين مجموعة التماثيل الدينية المقترحة، تجدر الإشارة إلى تمثال آخر له شكل مشابه، بخصلات الشعر المجعدة والرداء المعقود ويرتدي إكليلا. يرجع تاريخ هذا التمثال إلى القرن الأول قبل الميلاد على أساس طرازه وبسبب شكل عموده الخلفي الطويل، الذي يوجد شكل مشابه له في كثير من التماثيل التي تتضمن ثلاثة رءوس أفعى (أشتون 2001أ: 114-115، دليل الصور رقم 62). توجد هذه القطعة حاليا في حديقة المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية وهي إحدى القطع القليلة ذات الأصل المعروف؛ فقد عثر عليها في كانوبس (أبو قير حاليا) شرق الإسكندرية، وهي منطقة ارتبطت بالعاصمة في عهد كليوباترا السابعة. إنه تمثال ضخم الحجم تبلغ المسافة من ركبتيه حتى رأسه نحو 2,35 متر، ونحت من الجرانيت. تعرض الذراعان والصدر إلى ضرر بالغ، ويبدو أن الوجه قد خلع عمدا من الرأس. يوجد وجه من تمثال مشابه حاليا ضمن مجموعة خاصة. توجد أكثر من خصلة مجعدة محفوظة على هذا الوجه مما ينفي إمكانية انتمائه إلى التمثال الموجود بالإسكندرية، لكن حجم هذه القطعة وطرازها يشيران إلى انتمائها إلى تمثال مشابه، بل ربما أنتج في الورشة نفسها. يبدو الرأس بمظهر شاب وتظهر ملامحه على نحو طبيعي أكثر من التماثيل الأخرى المصنوعة على الطراز المصري. يشبه هذا التمثال التماثيل الرومانية لكليوباترا السابعة التي ذكرناها من قبل، خاصة الرءوس الموجودة حاليا في الفاتيكان وبرلين (الشكلان
3-14
Shafi da ba'a sani ba