بسم الله الرحمن الرحيم عن القاسم بن إبراهيم عليه السلام أحسن الله رشك وتوفيقك وقوم لقصد الحق طريقك وبلغك صالح الأمل برحمته وأتم عليك وفيك ما وهب من نعمته قد فهمت استمع الله بك ما وصفت وتعرفت من مذاهبك لما تعرفت فقرب الله قربك ووصل بحقه سببك فبمثلك بمن الله يتوصل إلينا فكيف تطلب لنفسك الإذن علينا.
سألت سددنا الله وإياك للرشد والاهتداء عن المخادعة من الله والمكر والاستهزاء، فأما المخادعة وفقك الله فليس يجوز القول بها على الله ولا ينسب شيء منها كلها إلى الله ولا تحتملها في الله الألباب، ولم ينزل بها من كتب الله كتاب لأن المخادعة إنما هي حيل من المحتال فيما يخادع به من كذب في فعل أو مقال ولعجز المخادع عن كثير مما يريد كاد فيه بالمخادعة من يكيد، والله جل ثناؤه متعال عن كل مخادعة واحتيال لا يجوز شيء من ذلك عليه. ولا يصح القول بشيء منه فيه.
وأما الخدع من الله لمن خادع الله والاختداع فليس في القول به على الله جل جلاله عيب ولا شناع، وفيه ما يقول الله سبحانه: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم، ولم يقل جل ثناؤه: وهو مخادعهم.
وأما مكر الله واستهزاؤه فهو استدراج الله واملاؤه، ومكر من كفر بالله ربه فإنما احتياله على الذين يكذبونه في وحيه فاستهزاء من كفر بالحق والمحقين فيشبهه كذبا في القول والفعل بالمتقين، فمتى قيل أبدا للمبطلين خادعوا ومكروا فإنما يراد به فيهم كذبوا وكفروا وأظهروا خلاف ما أبطنوا وأسروا.
Shafi 14