وللعامة في ذلك الميدان ألفاظ مقبولة تؤدي ما يعنونه من قول وما يلفظونه من كلام، وتفصح عن المغزى وتكفي بالإشارة عن العبارة، وعن الصريح بالكناية، وعن الحقيقة بالاستعارة بكلمات ثقة وعبارات رائقة، ومعان جميلة مبتدعة، وإشارات بديعة مخترعة.
هذا بعض من كل من بحث العلامة المحقق المغفور له أحمد تيمور باشا، وقد ضمنه هذا الكتاب فشهد بسعة اطلاعه وغزير علمه، مشفوعة بما حققه منها تحقيقا لغويا، وما شرحه منها شرحا وافيا شاملا، هو الأول من نوعه في البلاغة وحسن البيان والتعبير، وجعلها مرآة صادقة من الناحية الاجتماعية لحياة الشعوب وأخلاق الأمم وعاداتها.
لهذا حرصت اللجنة حرصا شديدا على أن تستخرج من آثار الفقيد الكريم أحمد تيمور باشا ما تتم به بحوثها في شتى النواحي الاجتماعية والثقافية والعلمية واللغوية، فهي كلها ثروة أدبية غنية بما حوت من علوم وفنون تفتقر إليها المدرسة الحديثة، ويقدرها أهل العلم ورجال الأدب حق قدرها.
ولا غرو في أن نشر كتاب «الأمثال العامية» وصنوه كتاب «الكنايات العامية » الذي تضعه اللجنة اليوم بين يدي القارئ الكريم يعدان بحق خير ذخيرة تهديهما إلى المكتبة العربية.
شكر وتقدير
لقيت مؤلفات العلامة المحقق المغفور له أحمد تيمور باشا، وهي التي أصدرتها اللجنة التي تتشرف برياسة الشيخ المحترم الأستاذ خليل ثابت بك، من تقدير جمهور القراء الكرام، من أهل العلم والأدب وأرباب القلم، ما يسجل لهم جميعا بالشكر الوافر والثناء الجم، وما يحفز اللجنة على مواصلة كفاحها وجهادها في سبيل خدمة العلم والأدب ونشر الثقافة العامة في مصر وسائر الأقطار العربية، تحقيقا للغرض السامي النبيل الذي كان يلحظه دائما أحمد تيمور باشا، وأفنى في سبيل غايته هذه صحته، كما أنفق على تحقيقها كثيرا من المال والراحة.
ولن تنسى اللجنة في هذا المقام، فضل رئيسها، العالم الجليل، خليل ثابت بك، وتوجيهاته الطيبة، وجهوده المتواصلة في سبيل النهوض بما اضطلعت به اللجنة في هذا الميدان، والسعي حثيثا في إخراج آثار الفقيد جميعها بروح طيبة، لتظفر المكتبة العربية بهذا التراث الكبير الذي خلفه تيمور باشا، كيما يتذوق الجيل الجديد فن سلفه واتجاهاته ونظرته في الدرس والتحصيل.
ولقد كانت الهيئات العلمية، والمجامع الأدبية، والإذاعة اللاسلكية أول ما عنيت بتلك المؤلفات، كما تفضلت الصحف في مصر وفي غير مصر، مشكورة، فقدمت تلك المؤلفات لقرائها، ويسرت السبيل لمعرفتها، والتعرف على مكانتها في عالم الأدب، فذكرت جريدة الأهرام الغراء - بلسان الأديبة الكبيرة الفاضلة «بنت الشاطئ» - فيما ذكرت تقريظا لكتاب «الأمثال العامية» آخر مؤلفات الفقيد ما يلي:
لقد عرف تيمور كعالم محقق، ودارس متفنن، وخبير ثقة، بتراثنا اللغوي، وهاو كريم من هواة جمعه واقتنائه، ورعايته ونشره، لكنه يبدو في كتابه اليوم واسع الأفق، حر التفكير، قوي الإيمان بصلة اللغة بالحياة، شديد التنبه إلى النواميس التي تتحكم في حياتنا من كل نواحيها، ومن هنا لم ينبذ «العامية»، ولم يصب عليها لعنته، ويراها لغة السوقة والجهلة الأميين، وإنما اعترف بها في شجاعة العالم باعتبارها لغة شعب، ولسان أمة، واختارها موضوعا لدراساته كالفصحى سواء بسواء ...
وجاء في كلمة نفيسة لجريدة المصري الغراء في تلك المناسبة:
Shafi da ba'a sani ba