والمغايرة من وجه آخر، كما يكون بين المشتقات والذوات، ولا يعتبر معه (1) ملاحظة التركيب بين المتغايرين، واعتبار كون مجموعهما - بما هو كذلك - واحدا، بل يكون لحاظ ذلك مخلا، لاستلزامه المغايرة بالجزئية والكلية.
ومن الواضح أن ملاك الحمل لحاظ نحو اتحاد بين الموضوع والمحمول، مع وضوح عدم لحاظ ذلك في التحديدات وسائر القضايا في طرف الموضوعات، بل لا يلحظ في طرفها إلا نفس معانيها، كما هو الحال في طرف المحمولات، ولا يكون حملها عليها إلا بملاحظة ما هما عليه من نحو من الاتحاد، مع ما هما عليه من المغايرة ولو بنحو من الاعتبار.
فانقدح بذلك فساد ما جعله في الفصول تحقيقا للمقام. وفي كلامه موارد للنظر، تظهر بالتأمل وإمعان النظر.
الرابع: لا ريب في كفاية مغايرة المبدأ مع ما يجري المشتق عليه مفهوما، وإن اتحدا عينا وخارجا، فصدق الصفات - مثل: العالم، والقادر، والرحيم، والكريم، إلى غير ذلك من صفات الكمال والجلال - عليه تعالى، على ما ذهب إليه أهل الحق من عينية صفاته، يكون على الحقيقة، فإن المبدأ فيها وإن كان عين ذاته تعالى خارجا، إلا أنه غير ذاته تعالى مفهوما.
ومنه قد انقدح ما في الفصول، من الالتزام بالنقل (2) أو التجوز في ألفاظ الصفات الجارية عليه تعالى، بناء على الحق من العينية، لعدم المغايرة المعتبرة بالاتفاق (3)، وذلك لما عرفت من كفاية المغايرة مفهوما، ولا اتفاق على اعتبار غيرها، إن لم نقل بحصول الاتفاق على عدم اعتباره، كمالا يخفى، وقد عرفت ثبوت المغايرة كذلك بين الذات ومبادئ الصفات.
Shafi 56