كلمة إلى القارئ
1 - مقدمة في جبال أذربيجان
2 - القضاء في بلاد أذربيجان
3 - العواصف
4 - الحطام
كلمة إلى القارئ
1 - مقدمة في جبال أذربيجان
2 - القضاء في بلاد أذربيجان
3 - العواصف
4 - الحطام
Shafi da ba'a sani ba
خسرو وشيرين
خسرو وشيرين
تأليف
محمد فريد أبو حديد
كلمة إلى القارئ
أرجوك العفو أيها القارئ عما يمكن أن تتحمله في قراءة هذا ال... (ماذا أسمي هذا؟ أظن خير تسمية أن أسميه المطبوع)، وإنك إن قرأت منه كلمة واحدة أو سطرا واحدا ثم رميته كارها كنت عندي معذورا فهذا ما توقعته، ولا عجب في الأمر إذا كان متوقعا. ولست عندي معذورا فحسب بل إنك جدير بشكري؛ إذ إنك قرأت منه شيئا في حين أن كثيرا من الناس إذا وقع لهم مثل هذا المطبوع لا يقرءون منه حرفا، بل يقلبون صفحاته تقليبا سريعا ثم يرمون به إلى أقرب موضع، ولكنهم مع ذلك لا يترددون في أن يبدوا رأيا في عيوبه أو في محاسنه إن تكرموا. وأما إذا أنت صبرت أيها القارئ فقرأت سطرين أو ثلاثة من هذا المطبوع ثم قذفت به حيث أردت، لم تكن في ذلك بالمعذور بل كنت متفضلا مضحيا من أجل مجاملتي مع أنك لا تعرف من أنا وفي هذا أدب عظيم وكرم مطبوع. وأما إذا كنت قد بلغت من قوة ضبط النفس ورياضتها على المكاره بحيث استطعت أن تثبت على القراءة حتى أتيت إلى آخر كلمة ثم تركت لنفسك العنان بعد طول كبحها وحبسها فانطلقت تصخب وتشتم وتنادي بالويل والثبور، إذا فعلت ذلك كنت في نظري بطلا من أبطال العزيمة وقوة الاحتمال. على أنك لو فعلت ذلك لم يمسسني منك أذى، وإن بلغت في ثورتك مبلغا مخيفا لأني قد توقعت مثل ذلك فأخفيت نفسي حتى لا تنحرج فيما تفعل، فلعلي إذا أظهرت لك شخصي بدوت لك صديقا أو ممن يمتون إليك بسبب، فتجاملني أو تكظم غيظك علي فيكون في ذلك أذى لك لا أرضاه. فافعل ما بدا لك أيها القارئ ولا تتورع فإن أحجارك أو سهامك لن تصل إلي.
وأما إذا كنت يا أخي - ولا مؤاخذة - ممن في ذوقهم شذوذ عن المألوف مثلي فاستحليت من هذا القول ما يمر في الأذواق أو أعجبك منه ما يقبح في الأنظار فلك رثائي وعطفي، فالمريض يعطف على مثله. ومن آية رثائي لك وعطفي عليك أنني أنصحك نصيحة أرجو أن تقبلها إذ إنها صادرة عن قلب خلص لك، حدب عليك. فقد تعرضت قبلك من جراء شذوذي عما ألفه الناس لكثير من الألم والفشل وأحذرك من إظهار رأيك أمام أحد من الناس ولو كان من أعز أصدقائك. فالصداقة قد لا تقوى على الثبوت مع الشذوذ في الرأي والذوق. وإذا شئت أن تفسح لنفسك فرجة تظهر بها ما قد يكون في نفسك من السرور الشاذ فادخل في مخدعك وتحقق من أنك فيه منفرد، ثم أغلقه محكما، ثم توار في جانب أمين منه واهمس همسة خفيفة لا يستطيع أن يسمعها من البشر سواك - أقول من البشر فإن الله تعالى لا بد سامعك ولو همست أخفى همس تستطيعه - وقل في همسك ما تشاء فقد يغفر الله لك ما قد يكون في رأيك من خطيئة، ولكن الناس لا يستطيعون الغفران.
المؤلف
الفصل الأول
مقدمة في جبال أذربيجان
Shafi da ba'a sani ba
(خسرو أمير إيران وولي عهدها جالس على صخرة في زي بعض التجار بقرب عين جارية وسط مرج في الجبال ومعه صديقاه باذان وفيروز في زي التجار مثله وكلهم هاربون خوفا من غضب الملك هرمزد.)
باذان (يهم بالسير) :
لا تجازف بنظرة عجلاء،
واحذر اللفظ فاللسان جواد،
إن كبا لا تقيله الأعذار.
خسرو :
لا تخف إننا بدار أمان.
باذان :
لا تكون الأخطار أفتك إلا
حيثما يشعر المخوف أمانا.
Shafi da ba'a sani ba
فيروز (بإشارة المستهين بالخطر) :
لو أسود الآجام ثارت إلينا
ما فزعنا من ثورة الآساد.
باذان :
نحن نسعى مخافة من مليك
باعه كالشعاع في الآفاق،
فحذار الأمان (ينظر لخسرو) يا مولاي!
قد أتاني بالأمس ليلا غلامي
يستحث المطي، قال سيأتي
بعد حين من طيسفون رسول
Shafi da ba'a sani ba
بكتاب لا يبغي أن يراه
غيرنا نحن؛ فاستعد لتلقى
من سيأتي، وسوف أمضي إليه
عند رأس الشعاب كيما أراه
في خلاء بنجوة من رقيب، وسآتي به بزي صديق
من تجار البلاد.
خسرو :
سر بسلام.
حرس الله واديا أنت فيه.
باذان (يحيي خسرو ويخاطب فيروز) :
Shafi da ba'a sani ba
قم معي، قد يجد أمر خطير؛
وحري بمن يسير لأمر
ذي جلال أن يستعين رفيقا. (فيروز ينهض وينظر إلى خسرو مستأذنا.)
خسرو (يأذن له) :
جعل الله كوكب السعد يعلو
ما تسايرتما وعودا بيمن. (يخرجان بعد التحية.) (لنفسه حزينا)
كيف أهنا وفي فؤادي هموم
تتوالى به كموج البحار؟!
إن تلك الحياة سعي وكدح
في مسير إلى سراب. (يدخل الراهب سرجيس وهو يعرف خسرو على أنه التاجر بنداد.)
Shafi da ba'a sani ba
سرجيس :
صحيح،
قد عرفت الحياة من جانبيها. (ينظر خسرو مبغوتا إلى الراهب.)
خسرو :
أنت سرجيس؟ مرحبا بصديقي (يبتسم له).
سرجيس :
قد عرفت الحياة من جانبيها (يجلس).
وخبرت الأيام حلوا ومرا،
ما تدوم الآلام إلا لحين،
ويلوح السرور مثل السراب.
Shafi da ba'a sani ba
لم تبقى هنا وحيدا؟
خسرو (بتعجب) :
وحيدا؟!
أنا في الجمع قد أكون وحيدا،
فإذا ما انفردت كنت بجمع.
سرجيس :
يا صديقي بنداد، لم أر يوما
مثل تلك الهموم عند الشباب.
خسرو (بنداد) :
من يذوق الحياة صرفا يعاني ما أعاني ...
Shafi da ba'a sani ba
ما الهم إلا وليد.
سرجيس :
لخيال الأشباح يا بنداد.
خسرو :
أيها الشيخ لا تحير فؤادي
في ثنايا المقال.
سرجيس :
ليس عجيبا
أن نخاف الذي يخاف، ولكن
نحن نخشى ما تخلق الأوهام.
Shafi da ba'a sani ba
خسرو :
كل ما في الوجود هم وخوف،
وكفى أننا أسارى المنون.
سرجيس (ضاحكا) :
ليس في الموت ما يخيف، ولكن
خشية الموت خشية المرء مما
ليس يدري ما تحتويه ستوره.
خسرو :
لست تخشى من الممات؟ نفاق ...
أي حي لا يرهب الآلام؟
Shafi da ba'a sani ba
سرجيس :
ليس خوف الممات من آلامه.
لن يحب الأنام ريح المنايا،
ولئن هب في عطور الزهور.
قد يعاني المريض وقع السيوف،
ويلاقي في السقم طعم الحتوف،
ألم دونه الممات، ولكن
سورة البرء باسم الآلام.
خسرو :
كم بهذي الحياة من آلام!
Shafi da ba'a sani ba
ليس خوف الممات كل الهموم.
سرجيس :
قد تذوقت كل حلو ومر،
ولبست النعماء والبأساء ،
وعرفت الورى بغير غطاء،
يخدع الناظرين باللألاء،
فرأيت الهموم بنت الأماني،
لا يرى الهم زاهد في الحياة.
خسرو :
أي قلب خلا من الآمال؟
Shafi da ba'a sani ba
سرجيس :
إن من طالع الحقيقة يوما،
ورأى نورها بغير غطاء،
لم يجد في الحياة شيئا جديرا بالتمني.
خسرو :
أرى الحياة جحيما،
إن تجردت من أماني فؤادي.
سرجيس :
يا بني استمع لقصة شيخ ...
كنت أرعى في السهل يوما، فلاحت
Shafi da ba'a sani ba
لي رءوس الجبال مثل اللآلي،
تتلألأ في كل لون بهيج،
في سنا الشمس أو ظلال الأصيل،
فأثارت في القلب شتى شجوني
كي أراها.
خسرو :
فأنت مثلي شجي،
ليس يخلو من الأماني فؤادك.
سرجيس :
صبر النفس واستمع لحديثي؛
Shafi da ba'a sani ba
فدعاني الشباب والجهل يوما
لأروي أوام قلب فتي؛
فعلوت الجبال أسعى حثيثا،
كلما دب في عروقي كلال
لاح لي رأسها يضيء بهيجا.
وإذا بي من بعد لأي وجهد
قد بلغت الذرى، ولم ألق حولي
غير صخر مهشم وثلوج.
خسرو :
أنت في العلم موبذ يا صديقي.
Shafi da ba'a sani ba
أي دين ملأت منه فؤادك!
سرجيس :
علمتني الحياة، لم ألق علما
من رجال لهم من الدين رزق.
خسرو :
أي بأس إن كان في الناس قوم
من هداة للدين؟
سرجيس :
للناس عين
تبصر الكائنات. حسبي بعيني
Shafi da ba'a sani ba
من دليل على إلهي. ولكن
هؤلاء الأولى تسمي هداة،
علموا الناس أن في النار سرا؛
لينالوا من معبد النار رزقا.
خسرو :
قد كرهت النيران إذ كنت ممن يعبدون
المسيح يا سرجيس.
سرجيس :
أنا لا أعبد المسيح، ولكن
أنا عبد الإله رب المسيح،
Shafi da ba'a sani ba
وسواء من ضلل الناس عندي
أن يكونوا موابذا أو قسوسا.
خسرو :
هكذا نحن لا ندين لنار،
ليست النار للأنام إلها.
هي رمز لقدرة الله فينا،
والإله المعبود في الكون فرد.
سرجيس :
هو هذا. لقد سجدنا جميعا
لإله مدبر للوجود.
Shafi da ba'a sani ba
ألسن عدة ومعنى وحيد،
كاختلاف الثياب والشخص فرد.
خسرو :
أنت أفسحت لي المقال، وما لي
في مجال الكلام من مقدار.
أنا من أهل سلعة وشراء،
ومجالي في ضجة الأسواق.
سرجيس :
لا أرى فيك تاجرا يا صديقي.
لا، فما هكذا يكون التجار .
Shafi da ba'a sani ba
أنت في القول لوذعي، وتعطي،
وخفيف على ظهور الجياد.
أنت لا شك من جدود قدامى.
لست من أهل سلعة وشراء.
خسرو (بشيء من الارتياع) :
أيها الشيخ أخطأتك عيون
لم تر الناس.
سرجيس (مطمئنا) :
لن تراع؛ فإني
لا أبيع الصديق بالأموال،
Shafi da ba'a sani ba