Khurafa: Gabatarwa Ta Kankani
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
الأسطورة والبنية
كلود ليفي-ستروس
لم يقتصر إسهام كلود ليفي-ستروس في دراسة الأسطورة - وهو ما جرت الإشارة إليه في الفصل
الأول - على إحياء وجهة نظر تايلور في الأسطورة كمجال معرفي علمي في الأصل، بل تضمن أيضا صياغة الأسلوب «البنيوي» في التعامل مع الأسطورة. تذكر أن الأسطورة في رأي ليفي-ستروس تعتبر مثالا على التفكير في حد ذاته، حديثا كان أو بدائيا؛ نظرا لأنها تصنف الظواهر. ويرى ليفي-ستروس أن البشر يفكرون في صورة تصنيفات، خاصة في صورة أزواج من المتعارضات، ثم يطبقون ذلك على العالم. ولا تقتصر عملية التصنيف على الأسطورة والعلم، التي يتعامل معها ليفي-ستروس باعتبارها مجالات تنقسم إلى تصنيفات، بل تدلل مجالات الطهي، الموسيقى، الفن، الأدب، الزي، قواعد السلوك وآدابه، الزواج، والاقتصاد أيضا على الميل البشري إلى تصنيف الأشياء في صورة أزواج.
في رأي ليفي-ستروس، يتمثل اختلاف الأسطورة عن هذه الظواهر في ثلاثة أشياء؛ أولا: تعتبر الأسطورة أقل هذه الظواهر تنظيما فيما يبدو: «فيبدو أنه الممكن حدوث أي شيء في سياق الأسطورة. ولا يوجد [فيما يبدو] فيها أي منطق، أو أي تسلسل في الأحداث.» وتشير إمكانية تنظيم الأساطير إلى مجموعات من المتعارضات إلى إثبات - بما لا يقبل الدحض - أن النظام شيء كامن في جميع الظواهر الثقافية، وأن العقل يجب من ثم أن يتضمنه. ونقلا عن ليفي-ستروس في بداية «مقدمة إلى علم الميثولوجيا»، كتابه المؤلف من أربعة مجلدات حول ميثولوجيا الأمريكيين الأصليين:
ستصبح التجربة التي أجريها حاليا في مجال الميثولوجيا أكثر حسما. إذا كان ممكنا التدليل في هذا المثال، أيضا، على أن الاعتباطية الظاهرة للعقل، والسريان التلقائي المفترض لخواطر الإلهام ، وابتكاريته الجامحة ظاهريا تنطوي على قوانين تعمل على مستوى أعمق، سنستخلص حتما أنه عند ترك العقل للانفراد بنفسه دون التفاعل مع الأشياء الأخرى، سيختزل العقل إلى عملية تقليد لنفسه كشيء ... وإذا بدا العقل البشري عاقد العزم وحاسما لأمره في مجال الميثولوجيا، «فإنه من باب أولى» سيحسم أمره في جميع مجالات النشاط الأخرى. (ليفي-ستروس، «النيئ والمطبوخ»، ص10)
ومثل تايلور، يلجأ ليفي-ستروس إلى طبيعة العقل التنظيمية للتدليل على أنها تنبثق أكثر من العمليات شبه العلمية للملاحظة والافتراض أكثر مما تنبثق من الخيال الجامح.
ثانيا: تعتبر الأسطورة، إضافة إلى الطوطمية، الظاهرة الوحيدة البدائية بين الظواهر التي يعرض لها ليفي-ستروس. ويشير التدليل على نظام الأسطورة إلى أن صانعها منظم، ومن ثم منطقي ومفكر أيضا.
ثالثا: والأهم، لا تعبر الأسطورة وحدها عن المتعارضات فقط، وهي التي تكافئ المتناقضات، بل توفق بينها أيضا: «فالهدف من الأسطورة هو توفير نموذج منطقي قادر على تجاوز أي تعارض.» وتوفق الأسطورة، أو بتعبير أكثر دقة، تخفف من حدة التعارض «جدليا» من خلال تقديم حد أوسط أو متعارضين متشابهين يسهل التوفيق بينهما.
شكل 7-1: كلود ليفي-ستروس.
Shafi da ba'a sani ba