Khurafa: Gabatarwa Ta Kankani
الخرافة: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
الثامن .
ماذا عسى مالينوفسكي أن يقول عن أسطورة أدونيس؟ سيركز على الأرجح على الأسطورة كتعبير عن حتمية الموت لجميع البشر، وسينظر إلى أدونيس باعتباره بشرا لا إلها، كما سيعتبر عدم مبالاة أدونيس بأنه فان درسا يتعلم منه الآخرون. في المقابل، لن تنجح نظرية مالينوفسكي إلا إذا كانت الأسطورة «تفسر» الموت أكثر مما تفترض وجوده المسبق. إذ تتعلق الأسطورة في رأي مالينوفسكي - وكذلك إلياد مثلما سنرى - بالأصول. وسيعتبر مالينوفسكي أن رواية أوفيد لأسطورة أدونيس ما هي إلا رواية مطولة تدور حول زهرة شقائق النعمان، وسيسعى إلى إثبات أهمية الزهرة في حياة اليونانيين أو الرومان القدماء. كما سيفسر الأسطورة حرفيا مثل تايلور.
كلود ليفي-ستروس
في معارضته لرؤية مالينوفسكي للبدائيين بأنهم عمليون وليسوا مفكرين، ولرؤية ليفي-بريل لهم بأنهم عاطفيون وليسوا مفكرين؛ سعى عالم الأنثروبولوجيا البنيوية الفرنسي كلود ليفي-ستروس (1908-2009) إلى إحياء النظرة الفكرية إلى البدائيين وإلى الأسطورة بجرأة. من النظرة الأولى، تشبه آراء ليفي-ستروس آراء تايلور فيما يبدو؛ إذ تعتبر الأسطورة في رأيه، وكذلك تايلور، بدائية بصورة استثنائية، على الرغم من أنها تتسم بالفكر العميق. وبإعلان أن البدائيين «كانوا مدفوعين بحاجة أو رغبة لفهم العالم من حولهم، ويتقدمون عبر وسائل فكرية، تماما مثلما يمكن أن يحدث وسوف يحدث مع الفيلسوف، أو إلى حد ما مع العالم»، لا يبدو ليفي-ستروس مختلفا عن تايلور.
رغم ذلك، يعتبر ليفي-ستروس ناقدا عنيفا لتايلور الذي يرى أن البدائيين يختلقون الأساطير بدلا من ابتكار العلم؛ نظرا لأنهم يفكرون بصورة أقل نقدية من الحداثيين. ويرى ليفي-ستروس أن البدائيين يختلقون الأساطير لأنهم يفكرون بصورة مختلفة عن الحداثيين، وهم - على خلاف ما يراه ليفي-بريل - لا يزالون يفكرون، وأن تفكيرهم دقيق. ويعتقد كل من تايلور وليفي-ستروس أن الأسطورة هي النموذج المصغر للتفكير البدائي.
وبينما يعتقد تايلور أن التفكير البدائي شخصاني والتفكير الحديث غير شخصي، يرى ليفي-ستروس أن التفكير البدائي ملموس والتفكير الحديث مجرد. ويتعامل التفكير البدائي مع الظواهر بطريقة كيفية، في مقابل التفكير الحديث الذي يتعامل مع الظواهر بصورة كمية. ويركز التفكير البدائي على ما هو قابل للملاحظة، وعلى الجوانب الحسية للظواهر، في مقابل ما هو غير قابل للملاحظة وغير حسي في التفكير الحديث:
بالنسبة إلى هؤلاء الناس [أي البدائيين] ... يتألف العالم من معادن، ونباتات، وحيوانات، وأصوات، وألوان، ومنسوجات، ونكهات، وروائح ... والفرق شديد الوضوح بين التفكير البدائي والتفكير العلمي [الحديث]؛ ولا يتمثل في الحاجة الماسة إلى المنطق، قلت أم زادت. وتتلاعب الأساطير بخواص الإدراك هذه، التي طردها الفكر الحديث من العلم، بمولد العلم الحديث. (ليفي-ستروس، نقلا عن أندريه أكون وآخرين، «حوار مع كلود ليفي-ستروس»، ص39)
في المقابل، وفي تعارض واضح مع تايلور، لا يعتبر ليفي-ستروس الأسطورة أقل علما من العلم الحديث. فهي جزء من «العلم المادي» أكثر منها جزءا من «العلم المجرد»:
هناك نمطان متمايزان للفكر العلمي؛ ولا شك في أنهما لا يقومان بأي وظيفة في المراحل المختلفة للعقل البشري، بل إن لهما وظيفة في مستويين استراتيجيين يستطيع البحث العلمي عندهما اختراق الطبيعة: أحدهما يتغير ليتلاءم مع الإدراك والخيال، بينما يبتعد الآخر عنهما. (ليفي-ستروس، «العقل البدائي»، ص15)
فيما يرى تايلور أن الأسطورة هي النظير البدائي للعلم في حد ذاته، يرى ليفي-ستروس أنها هي النظير البدائي للعلم «الحديث». وبينما تعتبر الأسطورة علما بدائيا، فإن ذلك لا يجعلها علما ذا قيمة أقل.
Shafi da ba'a sani ba