فنظر إليه، ونظر من حولها إلى الطائر، الذي ألقى الكتاب إليها فخاضوا في ذلك، فقالوا: رمى إليها بكتاب من السماء تعظيما لقدرتها، فبلغها ذلك، فبعثت إلى مقاول حمير، وقالت (يا أيها الملأ إني ألقي إليَّ كتاب كريم إنَّه من سليمان وإنَّه بسم الله الرحمن الرحيم أنْ لا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين. يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون. قالوا نح أولو قوة وألوا بأس شديد، والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين. قالت: إنَّ الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها، وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون)، ثم قالت (وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بما يرجع المرسلون) قال عبيد بن شرية: فبعثت إليه أربعين رجلًا، وبعثت معهم مائة وصيف ومائة وصيفة، ولدوا في شهر واحد، لهم ذوائب وقصاص والزي الواحد، وختمت على سراويلهم، وبعثت بمائة فرس نتجت في يوم واحد، ألوانها واحدة، وبعثت بحق رصاص فيه من الجواهر والزمرد والدر والياقوت الأحمر والأصفر والأبيض والأسود ملحم لا يوصل إلى عد كل جنس ما فيه، إلاّ أنْ يكسر، وبعثت إليه بخرزة غير مثقوبة، وقالت: تثقب هذه الخرزة بغير علاج إنس ولا جان ولا بحدادة، وبعثت إليه بخرزة مثقوبة ثقبا ملتويا وسألته أنْ يدخل فيه خيطا، وقالت للوفد: إنْ قبل الهدية فهو ملك يرغب في المال، وإنْ كان نبيا فليس له رغبة في الدنيا، وإنما رغبته في دخولنا في دينه فهو لا يقبل الهدية. فكتبت إليه كتابا، أنْ يميز بين الوصفاء والوصائف من غير أنْ يعري أحدا منهم، وأنْ يميز الخيل أيها نتج قبل صاحبه، وعما في الحق قبل أنْ يفتحه. فلما قدم الوفد إليه،
1 / 80