طويلا لا يغزو، ودانت له الآفاق، حتى أتاه رسل ملك بابل، وكتاب منوشهر، بعد ملوك الأكاسر بهدايا نفيسة من الجواهر والعقيق الأحمر والمسك التبتي، والحرير و. . . . . . . والحلية والآنية الفيعة، وكان أكثر ما بعث إليه من بلاد الترك وأمتعتهم من السلاح ليرغبه في بلدهم، وعرفه فسادهم في الأرض، وانبساطهم إلى أعمال بابل، وأنْ جمهورهم بأذربيجان، وأنْ بابل منهم والشام على خوف، وأنهم لا يرون أهل بابل في عيونهم شيئًا، قال عبيد بن شرية: وأهل بابل بقية ولد نوح من غير العرب، فأجمع عند ذلك على غزو الترك، وكان غزا في عمره مرتين: الأولى في بلد الهند والسند، وهي التي تقدم ذكرها. والثانية إلى بابل وخراسان وبلاد الترك. فلما رأى الرائش تلك الهدايا، قال للرسول: أي ما أرى من بلادكم؟ قال: بعضه أيها الملك، وبعضه من بلاد الترك، وهم من ورائنا، من حالهم أنهم لا يدنون لأحد من الملوك فخلف ليغزون تلك البلاد التي خرج منها ما رأى. واستخلف على اليمن بعقر بن عمرو، وكان ذلك في زمان موسى بن عمران ﵇. وكتاب منوشهر أنَّه يستدعيه إلى
بلاد الفرس، ويستنصر على الترك لأنهم قد كانوا استظهروا على الفرس، وأباحوا بلادهم، فنهض الرائش في مائة ألف وخمسين ألفا، وكانت الرواد في إبقاء الطريق متقدمين، فلم يجدوا خيرا من طريق على جبلي طيء، حتى خرج ما بين العراق والجزيرة، ونزل الموصل، وبعث شمر ذا الجناح الأكبر بن عطاف بن المنتاب بن عمرو بن زيد بن علاق أبن عمر بن ذي أبين، حتى دخل على الترك أذربيجان، فأوقع فيهم وقعة أترت فيهم، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية، وتبع قلهم، حتى أوغل في بلد الترك، وكتب إلى الملك
1 / 65