وصية شهران الملك إلى ابنه تألب ريم
بسمك اللهم رب حمير وهمدان، زبور ما زبر، على قط وحجر، بعهدي لك يا تألب بحياتي، ووصيتي لك بعد وفاتي، أنَّ لك الشركة في الأمر ما حييت، والحوزة للملك ما رديت. فاحتذ سنتي، واعمل جادتي، ولا ترضين لنفسك أنْ يقال أبوه خير منه، وأنْ تلحق الآخ بالأمر، وما الناس إلاّ زائد على أبيه، أو ناقص عنه، ولوّلا ذلك ما بقي في الغابر شيء مما يكون في الداشر. ثم اعلم أنَّ رعيتك ليسوا ثلة تأكل من حجرتها، وتبتاع من عفوتها، وإنّما هم لك أشياء، يطلبون من بلغة الدنيا مثل ما تطلب، ويرهبون من تقلبها مثل ما ترهب، وإنّما لك منهم فضل الطاعة، وعليك فيهم حسن الحياطة، واعط كلا منهم منزلته، ولا تنصب في كل بني أب غير رئيس واحد، فإنَّ كانوا أكثر افترقوا كالنحل التي لها يعسوب واحد، فإذا كثر في الخلية اليعاسيب ذهب كل منهم بفريق. واعلم أنَّ لكل عصر أهلا، وبما باينت طباعهم من كان قبلهم، فلا تستعمل في الآخر سيرة الأول أجمع، ولا تترك قلائد فإنَّ الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم، ولولا ذلك ما كان أهل دهر أكرم من أهل دهر، ولا أهل عصر أنجد من أهل عصر، ولا أهل زمان أعلم من أهل زمان، والأيام متقلبة فاركب
1 / 59