يا بني، أوصيكم بطاعة أخيكم الصوار، فانه أكبركم وأرجاكم عندي. وأنت يا أبا السميع - وكان الصوار يكنى أبا السميدع - خليفتي بعد الله تعالى عليكم وعلى رعيتي واحفظ مني خصالا لن تضل ما اقتديت بها؛ اعلم أنْ العز لا يتبين في الحرب إلا بصدق اللقاء وحماية الأذمار، وذلك أمارة الغلبة، ولا يتبين في سالم إلا من منع الجار، وشموخ الأنف عن سموه الخسف، والحمل على الدنية. ولن يكون ذلك إلاّ بالرجال، ولن تعرف معك النادر منهم إلا بإبانة قدره، عمن ليس يغني عناءه. لأنك إذا ضممت مسماكين في أحدهما قصر وقع الحمل على الأطول
وسقط الأقصر، وكذلك الأدق من الأجدال الحوامل. وأعلم أنْ الملك بيت أساسه العدل، وقواعده التدبير، وحيطانه التيقظ، وأركانه الحزم، وتلاحكه الشدة، وعماده إزراء الكفاة، وعوارضهالقادة، ومواحظه الأتباع. ولا استقامة لمدبري المملكة ومستخرجي الإتاوة إلاّ بمصادقة قادة الجيوش، ولا يحمل قائد الجيش وسائق الجماعة سوى أصحاب الخزانة، وربما وجدت مائة مقاتل وأعجزك كاف، وكثير أنْ يصدق الكرة العشرة من الماءة المقاتل، والمائة من الألف، والألف من عشرة أضعاف. وأنشأ يقول:
أوصي بني وإنْ تقارب بينهم ... فيما لدي بطاعة الصوار
1 / 44