فهل تسمع لهم خبرًا، أو تنظر لهم أثرًا؟ ثم أوصيك أنْ تعمل لدنياك بسنة آبائك، فقد انتهى إليك ما كان من وصية آبائك ووصية جدك سبأ بن يشجب، وما افترق عليه أبناؤه يوم الوصية والقسمة، وما جداك حمير وكهلان، فلا تجرين الأمور إلاّ على ما جرتبه الرسوم من عصرهما ذلك إلى هذه الغاية ووص بذلك من صار ذلك الأمر من ولدك أو بني عمك. وأوصيك بالاستقامة على ما وجدتني عليه من العدل على الرعية والتجاوز عن المسيء، والكف عن أذى العشيرة، والتحفظ بها، والتحبب إليها، فما المرء إلاّ بقومه ولو عز وعلا؛ ثم أنسأ يقول:
عريب لا تنس ما وصى أبوك به ... إنَّ الوصية لمّا يعدها الرشد
كل امرئ عزه فاعلم عشيرته ... وفي العشيرة يكن العز والعدد
أما رأيت ثمودًا أمس كيف لقوا ... سوء النكال وعادًا قبلها انجردوا
من بعد ما ملؤا سهل البلاد فلم ... ينفعهم عدد منهم ولا جلد
ولمّا اعتزل نبت عن العمل في ولاية زهير، ونصب ابنه الغوث، أقبل عليه وكان كاملا في أحواله من الشجاعة، والفطنة، والرأي الثاقب، فقال يرثي أيمن الهميسع
ويوصيه:
قضى نحبه بعد الهميسع أيمن ... وأيمن فاعلم خير حي وهالك
وكل امرئ لا شك يقضي قضاءه ... ويسقي بحوض المنهل المتدارك
1 / 26