Takaitaccen Turakun
خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر
Mai Buga Littafi
دار صادر
Inda aka buga
بيروت
النَّاس أَن الْوَزير نصوح باشا يُرِيد قَتله وَهدم أبنيته فَلم يبال بذلك حَتَّى خرج الْوَزير الْمَذْكُور يَوْمًا وَمَعَهُ الفعلة بالفوس والمجارف وَأهل حلب يظنون أَنه يهدم ذَلِك الْموضع فَاجْتمع النَّاس عِنْد مرقد الشَّيْخ أبي بكر لأجل الفرجة والفقراء الَّذين عِنْده هربوا وَهُوَ قَاعد ثَابت وَفِي خلال ذَلِك ظهر أَنه يهدم الْأَبْنِيَة الَّتِي على سور الْمَدِينَة ثمَّ جَاءَهُ الباشا زَائِرًا فَقَالَ لَهُ صَاحب التَّرْجَمَة قَالُوا لي عَنْك أَنَّك غَضْبَان علينا فَقلت للنَّاس الباشا يقدر علينا فِي ثَلَاثَة أُمُور أما الْقَتْل فَأَنا لنا مُدَّة نتمنى الشَّهَادَة ودرجتها وَأما النَّفْي من حلب فلنا مُدَّة نطلب السياحة وَأما الْحَبْس فلنا مُدَّة نطلب الرياضة أتقدر على أَكثر من ذَلِك قَالَ لَا ثمَّ قَالَ لَهُ طب نفسا وقرّ عينا مَا لنا بركَة إِلَّا أَنْت الْيَوْم أخرجت الفعلة لهدم الدّور الَّتِي على سور الْمَدِينَة وَلَيْسَ لي نِيَّة على ضرركم أصلا وَاسْتمرّ نَحْو خمسين سنة فِي الْخلَافَة لَا ينازعه مُنَازع فِي رَاحَة وافرة وصدقات متواترة تَأتيه من النَّاس وَالْكَبِير وَالصَّغِير يقبلُونَ يَده وَهُوَ ملازم على الأوراد ويبذل الْقرى للواردين وكل من يرد عَلَيْهِ سقَاهُ القهوة وَمن يسْتَحق الضِّيَافَة أَضَافَهُ بصدر وَاسع وَخلق كريم لَكِن كَانُوا فِي كل يَوْم وَقت الضحوة الصَّغِيرَة يديرون الكاس يَأْكُلُونَهُ وَيَشْرَبُونَ القهوة عَلَيْهِ وَكَانَ يَقُول الدَّهْر مل من طول عمر ثَلَاثَة أحدهم أَنا وَالثَّانِي أَبُو الْجُود مفتي حلب وَالثَّالِث شاه عَبَّاس قَالَ بَعضهم وَالرَّابِع يُوسُف باشا ابْن سَيْفا وَهَذَا الْكَلَام مَحْمُول على طول عمر هَذِه الثَّلَاثَة وَكَثْرَة وقائعهم وأحوالهم بِحَيْثُ مل النَّاس من ذكر أُمُورهم حَتَّى سَار الإملال إِلَى الدَّهْر وَلَكِن كَانَ أَبُو الْجُود فِيهِ نفع لعباد الله تَعَالَى ثمَّ اشْترى كتبا فِيهَا المقبول الَّذِي لَهُ ثمن فوقفها على الْمَكَان وَاشْترى أَرَاضِي ووقفها على الْأَمَاكِن وَاشْترى بستانًا وَوَقفه أَيْضا على الدراويش وَكتب بذلك وقفية وَجعل لَهَا مُتَوَلِّيًا وَلما مرض أوصى بالخلافة من بعده للدرويش أَحْمد الكلشني وَأَعْطَاهُ خَتمه وأحضر الْكَشَّاف عِنْده وَكتب لَهُ بذلك حجَّة وَلما مَاتَ أظهر الشَّيْخ مصطفى القصيري ورقة بِخَط الشَّيْخ أَحْمد أَنه اتخذ الدرويش مصطفى الْخَلِيفَة من بعده وَاشْتَدَّ الْخِصَام وَبَقِي هَذَا يتَوَلَّى الْخلَافَة مُدَّة ثمَّ يذهب الآخر وَيَأْتِي بِأَمْر سلطاني ليَكُون الْخَلِيفَة ويعزل الآخر وهلم جرًا واختل أَمر ذَلِك الْمَكَان غَايَة الاختلال وَكَانَت وَفَاته فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَألف وَقَالَ أديب الشَّهْبَاء السَّيِّد أَحْمد بن النَّقِيب الْآتِي ذكره يرثيه
(مَا الْكَوْن سوى صحيفَة الأكدار ... خطت لِذَوي الْعُقُول والأفكار)
1 / 261