180

Takaitaccen Turakun

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Mai Buga Littafi

دار صادر

Inda aka buga

بيروت

كَلمته وعمت سطوته وهيبته وأطاعته الْأَئِمَّة القاسميون وصاروا إِلَيْهِ من كل حدب يَنْسلونَ ووفدت إِلَيْهِ قبائل الْعَرَب الْأَعْيَان كحاشد ومكيل وقحطان وَقَامَ بأعباء الْإِمَامَة وسلك طَرِيق الْعدْل وتعهد أَحْوَال الْفُضَلَاء وَعم ظلّ فَضله الْأَنَام وَسَار سيرة الْأَئِمَّة الهادين من تفقد الضُّعَفَاء وَأمنت السبل ووفدت الْأَسْفَار وَكَانَ مَعَ اشْتِغَاله بِأُمُور الرعايا منهمكًا على مطالعة كتب الْعلم وَالْأَدب وَله ميل إِلَى الْفُنُون العلمية ومحاضرة بديعة وَله أشعار حسان ووفدت عَلَيْهِ النَّاس وأثنوا عَلَيْهِ وَألف الأدباء فِي سيره وأحواله مؤلفات وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ من أَفْرَاد الزَّمَان وأجلاء إِلَّا وَإِن كَانَت وَفَاته فِي الْيَوْم الثَّانِي عشر من جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَألف بالغراس وَبهَا دفن رَحمَه الله تَعَالَى
أَحْمد بن حسن بن الشَّيْخ سِنَان الدّين البياضي الرُّومِي الْحَنَفِيّ قَاضِي الْعَسْكَر وَاحِد صُدُور الدولة العثمانية من أجلاء عُلَمَاء الرّوم وأجمعهم لفنون الْعلم وَكَانَ صَدرا عَالما وقورًا جسيمًا عَلَيْهِ رونق الْعلم ومهابة الْفضل واشتهر بالفقه وَفصل الْأَحْكَام وشاعت فضائله وذاعت وَقد أَخذ عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم شيخ الْإِسْلَام يحيى بن عمر المنقاري وَحج مَعَ وَالِده وَحضر دروس الشَّمْس البابلي بِمَكَّة لما كَانَ أَبوهُ قَاضِيا بهَا وَأَجَازَهُ فِي عُمُوم طلبته ونبل ودرس بالروم وَأفَاد وَولي قَضَاء حلب فِي سنة سبع وَسبعين وَألف واعتنى بِهِ أَهلهَا بالغوافي توقيره وتعظيمه وَجرى لَهُ مَعَ مفتيها الْعَلامَة مُحَمَّد بن حسن الكواكبي الْآتِي ذكره مباحثات ومناقشات كَثِيرَة دونت واشتهرت عَنْهُمَا ثمَّ عزل وَولي قَضَاء بورسة ثمَّ قَضَاء مَكَّة فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَألف وَسَار فِيهَا أحسن سيرة وَعقد بِمَجْلِس الحكم درسًا وَقَرَأَ شَرحه على الْفِقْه الْأَكْبَر وَهُوَ شرح استوعب فِيهِ أبحاثًا كَثِيرَة وَأحسن فِيهِ كل الْإِحْسَان وَسَماهُ إشارات المرام من عِبَارَات الإِمَام وَقد رَأَيْته بالروم واستفدت مِنْهُ ثمَّ عزل عَن قَضَاء مَكَّة وَقدم دمشق وَاجْتمعت بِهِ فِيهَا فرأيته جبلا من جبال الْعلم راسخ الْقدر ثمَّ ولي قَضَاء قسطنطينية فِي أَوَاخِر سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَألف وَكنت إِذْ ذَاك بهَا ثمَّ ولي قَضَاء الْعَسْكَر بروم ايلي وَكَانَ يَوْم ولَايَته كثير الثَّلج فأنشدت بعض حفدته قولي
(وَالْأَرْض سرت بِهِ لهَذَا ... قد لبست حلَّة البياضي)
وَوَقع فِي أَيَّام قَضَائِهِ أَنه ثَبت على امْرَأَة أَنَّهَا زنى بهَا يَهُودِيّ وَشهد أَرْبَعَة بِالزِّنَا على الْوَجْه الَّذِي يَقْتَضِي الرَّجْم فَحكم برجم الْمَرْأَة فحفر لَهَا حفيرة فِي آتٍ ميداني ورجمت

1 / 181