القُيُود حُكِم بصحته، وما افتُقِد فيه قيدٌ منها، خرج عن أن يكون صحيحًا وإذا قيل في حديث، إنه صحيح فمعناه ما ذكرنا، ولا يلزم أن يكون مقطوعًا به في نفس الأمر، وكذا إذا قيل إنه غير صحيح، فمعناه أنه لم يصح إسناده على الوجه المُعتبَر، لا أنه كَذِبٌ في نفس الأمر، وتَتَفاوت درجات الصحيح بحسب قوة شروطه.
وأولُ من صنَّف في الصحيح المجرَّد الإمام البُخَاري، ثم مُسلِمٌ، وكتابهما أصحُ الكُتُبِ بعد كتابِ الله العزيز، وأما قول الشَّافعي ﵁: ما أعلم شيئًا بعد كتاب الله تعالى أصحُ من مُوطَّأ مالك، فَقَبْل وجود الكتابين ثم البخاري أصحهما صَحيِحًا عند الجمهور، وفي الجامع قال البخاري خرَّجتُ كتاب الصحيح من زهاء ستمائة ألف حديث، وما وضعت فيه حَدِيثًا إلا صَلَّيتُ رَكعَتَين (١).
وأعلى أقسام الصحيح: ما اتَّفَقَا عليه، ثم ما انفرد به البُخَاري، ثم ما انفَرَد به مسلم، ثم ما هو على شرطِهِما وإن لم يَخَرِّجَاه، ثم على شرط البخاري ثم على شرط مسلم، ثم ما صَحَّحَه غيرُهما من الأئمة، فهذه سبعة أقسام.
قال ابن الصلاح (٢): وأما ما حُذِف سَنَدُهُ أو بَعضُهُ فيهما، وهو كثير في تراجم البخاري، قليل جِدًا في صحيح مسلم، كقوله في التيمم وروى
_________
(١) ينظر تاريخ بغداد (٢/ ٣٢٧).
(٢) مقدمة ابن الصلاح (ص ١٦٧).
1 / 36