Takaitaccen Yau da Shudhur
خلاصة اليومية والشذور
Nau'ikan
الغربي والشرقي يتشابهان في أن لكل منهما غرضا من حياته، ولكنهما يتفاوتان في التوفيق بين الأمل والقدرة على تحقيقه، فالغربي إذا طمح إلى أمر عمد إليه من طريقه، فالجندي يحاول أن يكون قائدا والدرزي تاجرا والصانع صاحب معمل وهلم جرا، أما الشرقي فأمله مبهم غامض لا تتميز له وسيلة ولا تتضح إليه سبيل. يحب كل إنسان أن يكون أحسن إنسان كما لو كان يحب ذلك لإنسان سواه؛ أي من غير أن يأخذ للأمر أهبته أو يدبر له عدته، فكثر في أقاصيصنا ذكر أمثال: شبيك لبيك، وبساط الريح، وطاقية الإخفاء، وقضيب السحر، ومسحوق الكيمياء، وغيرها مما يرد في ألف ليلة والأحاجي التي يقصها عجائزنا على أسماع صغارنا قبل أن تفتح لهم أبواب الآمال، فينشئون على التراخي والتواكل وترك تحقيق أمانيهم إلى المصادفة والاتفاق.
الفيلسوف
ليس الفيلسوف صاحب المذهب الشاذ أو المبدأ الغريب، ولا هو بالرجل الواسع الاطلاع أو المتفوق على غيره في ملكاته ومواهبه. الفيلسوف الحقيقي هو الباحث الذي لا ينشد إلا الحقيقة، ينشدها لا ليراها في شكل منتظم أو هيئة مرموقة أو ينظر إليها في ظل مبدأ من المبادئ فيكيفها كما ترسم مخيلته وتوحي إليه موروثاته ومعتقداته وأغراضه، ولكن لتظهر أمامه كما هي بالوجه الذي تظهر به في كل آن عارية عن غواشي البراقش والزركشات، وهو المفكر الذي لا يتسلط عليه رأي من الآراء أو يملك ذهنه غرض من الأغراض، بل يأخذ في البحث سواء لديه على أي نتيجة طلع منه، فليس فيلسوفا ذلك الباحث الذي يقدم على موضوعه برأي مبدئي يتشيع إليه فيما هو بصدده، أو ذلك السفسطائي الذي لا هم له من أبحاثه إلا أن يجد له برهانا يسند إليه ما تلقاه من غيره عن طريق الوراثة أو التلقين.
الحسد
ليس الحاسد هو الذي يطمع أن يساويك بأن يرقى إليك، بل هو الذي يريد أن تساويه بأن تنزل إليه؛ ومن هذا القبيل الرجل العياب الذي يتتبع عورات الناس وسقطاتهم لينزل بهم إلى مستواه ويتغافل عن حسناتهم عمدا؛ لأنه يعلم من نفسه العجز عن الإتيان بمثلها.
المطالعة والتجارب
التجارب لا تقرأ في الكتب، ولكن الكتب تساعد على الانتفاع بالتجارب.
الشعر والألفاظ
الشعر صناعة توليد العواطف بواسطة الكلام، والشاعر هو كل عارف بأساليب توليدها بهذه الواسطة، يستخدم الألفاظ والقوالب والاستعارات التي تبعث توا في نفس القارئ ما يقوم بخاطره - أي الشاعر - من الصورة الذهنية. والألفاظ نوع من اختزال المعاني تشير إلى ما لا يمكن وروده منها على اللسان، أو هي رموز يقترن كل منها بخواطر وملابسات تتيقظ في الذهن متى طرقه ذلك اللفظ، ولا يشترك فيها معه لفظ آخر وإن ترادفا في ظاهر المعنى، فالمترادفات لا تتشابه في المدلول تماما، والكلمة في لغة لا تفيد معنى مقابلتها في لغة أخرى؛ فليست المعاني منطوية في أحرف كلماتها، ولكنها ترمز إليها، ولا مجرد النطق بكلمة يكفي لاستحضار معناها عند كل من يسمعها على السواء، فتختلف الكلمة الواحدة في قوة استحضار المعنى باختلاف مدلولاتها وملابساتها عند السامعين، والتفطن إلى هذا الفرق الدقيق بين معاني الألفاظ والتلطف في أداء كل منها في موضعه يدخلان في الملكة التي يحتاجها الشاعر ليكون شاعرا مجيدا، ولا بد لها من أن يكون للشاعر استعداد فطري لتلقي العوارض والمؤثرات التي تقع تحت شواعره حتى يلم بأسرار النفس وكيفية تطرق الإحساسات المختلفة إليها، وأن يكون قد انطبع في ذهنه نخبة من صور تلك الإحساسات ممثلة في قوالب جماعة من فحول الشعراء ليعلم بالمقارنة بينها أيها أحكم تمثيلا وأبلغ وقعا وأسرع توجها إلى العاطفة المخاطبة به حتى يتسنى له أن ينقل ما يشاء منها إلى نفس غيره، ولا يحتاج الأمر في الشعر إلى الجلاء والإبانة كما هو في النثر، فإنه كما تقدم يقصد به التأثير ولا يقصد به الإقناع، والعواطف قد تتأثر بالعبارة المفاجئة أشد من تأثرها بالعبارة ذات القضايا المرتبة والمعاني الجلية.
فقل أن ترى كبار الشعراء يتكلفون الشرح والتفصيل فيما يردون الإعراب عنه كما يتكلفهما المبتدئون منهم؛ لأنهم أخبر بوسائل التأثير وأعرف بالألفاظ التي لها وقع أبلغ من غيرها على الإحساس.
Shafi da ba'a sani ba