[267]
كتاب الشفعة
والشفعة في ثلاثة أشياء :
فيما ينقسم من العقار ، وفي النقض ، وفي الثمرة إذا بيعت بعدما بدا صلاحها ، مثل النخل ، والعنب ، والثمار كلها وفي المقاثي .
وإذا يبست الثمرة ، فلا شفعة فيها ، وقيل في الشجرة بين الرجلين يبيع أحدهما حصته منها : أن فيها الشفعة ، لأنها من الأصول .
باب ما لا شفعة فيه :
ولا شفعة فيما لا يقسم من العقار ، ولا في طريق ، ولا في عرصة دار - صلحت القسمة /130/ فيها أو لم تصلح - ولا شفعة في الحيوان ولا في شيء من العروض ، ولا في الزرع والبقول ، ولا في هبة ، ولا صدقة ، ولا في حبس ، فإذا كانت الهبة على المثوبة ، وأثاب الموهوب ، أو قبلها ، وفاتت عنده ، كانت فيها الشفعة . وإذا حبس الرجل حصته من
[267]
[268]
عقار ثم باع شريكه حصته ، فلا شفعة للذين حبست عليهم ، وإن أحب المحبس أن يأخذ الشفعة ، ويلحق ذلك بالحبس : كان ذلك له .
باب إذا باع شقصا وشفيعه حاضر :
وإذا باع شقصا وشفيعه حاضر ، فشهد في البيع ، ثم قام بعد عشرة أيام أو نحوها ، فطلب شفعته ، كان ذلك له ، ويحلف ما كان ذلك منه تركا لشفعته ، وإذا باع وعلم شفيعه بالبيع ، ثم قام بعد شهرين أو نحوهما ، كان ذلك له ولا يمين عليه ، وإن تباعد تركه مثل الأشهر السبعة ، أو التسعة ، حلف ما كان سكوته تركا للشفعة ، وكذلك يحلف في العام ، فإن علم وترك وهو حاضر أكثر من عام ، مما يرى أنه تارك للشفعة : فلا شفعة .
باب إذا قام في الشفعة :
وإذا قام في الشفعة ، أجله القاضي في الثمن مثل ، اليومين والثلاث ، وإن حضر بالثمن ، وإلا سقطت شفعته . وقيل : يؤجله أكثر من ذلك على قلة المال ، وكثرته ، وهو قول أصبغ
باب الغائب على شفعته :
والغائب على شفعته ، وإن طالت غيبته حتى يقدم ، أو يطلب المشتري أن يكتب له القاضي إلى القاضي بموضع الغائب ، بما يثبت له
[268]
[269]
عنده من ابتياعه ، وبما يطلب من قطع الشفعة عنده ، فيوقف القاضي ذلك الغائب فإما اخذ ، وإما ترك وقيل إن السلطان لا يكتب في ذلك ، فإن أحب المشتري أن يشخص إليه يرفعه إلى السلطان ويوقفه : فإما اخذ /131/ وإما ترك .
وليس في قرب الموضع الذي تنقطع فيه شفعة الغائب حد عند مالك ورأى فيه اجتهاد السلطان . وقال : قد تكون المراة الضعيفة على البريد ، والرجل الضعيف على مثل ذلك ، ولا يستطيع أن ينهض ، وكذلك الصغير والبكر ، على شفعتهما ، حتى يكبر الصغير ويملك أمره ، وحتى تنكح البكر ، ويدخل بها زوجها ، وتملك أمر نفسها ، إلا أن يكون لهما أوصياء ، فيوقعون على الاخذ ، أو الترك ، فما رأوا من ذلك مما هو أفضل لهما ، جاز ذلك عليهما ، وكذلك المولى عليه ، والشاهد (بورث).
باب الشفعة على قدر الأنصباء :
والشفعة على قدر الأنصباء ، فمن ترك منهم الأخذ ، كانت الشفعة كلها لمن أراد الأخذ منهم ، فإن ترك بعضهم ، وأراد من بقي أن يأخذ بقدر نصيبه ، ويترك غير ذلك لمن بقي أن يأخذ إلا الجميع ، أو يترك .
[269]
[270]
باب أربعة لا شفعة لهم :
وذلك إذا باع أحد المتفاوضين من دار من شركتهما ، وإذا باع الوصى حصة يتيم في ولاية نظره ، من دار مشتركة بينهما ، وإذا باع الأب حصة الابن له صغيرا في دار هو شفيعها ، فليس لواحد من هولاء شفعة ، لأن البيع تسليم للشفعة ، وليس كالشراء ، لأن الشراء ليس بتسليم الشفعة وقيل الشفعة للوكيل .
[270]
[271]
كتاب الصلح ثلاث خصال
والصلح بيع من البيوع ، وهو ثلاث خصال :
أن يصطلحا على الإقرار ، أو على الإنكار ، أو على حق قد جهلا جميعا مبلغه ، فيصطلحان فيه على شيء والدين بالدين ، أو على الإقرار خاصة ، أو على الإنكار خاصة .
باب إذا كان عليه مائة دينار وهو بها مقر أو منكر :
وإذا كان عليه مائة درهم ، وهم بها مقر ، أو منكر ، فصالحه منها بخمسين درهما نقدا ، او إلى شهر : جاز ذلك وقيل : /132/ لا يجوز الصلح بالتأخير في الإنكار ، وإن صالحه منها بعوض معجل ، ويقبضه قبضا ناجزا ، جاز وإن تأخر قبضه ، أو صالحه بعوض مؤجل ، أو دنانير مؤجلة : لم يجز في الإقرار ، ولا في الإنكار ، وإن صالحه منها بسكنى داره سنة ، أو خدمة عبده سنة : لم يجز . وقيل : ذلك جائز ، ورأى بعض أهل العلم أن الصلح إذا وقع بما اختلف العلماء فيه : جاز ، ولم يفسخ ، وإذا استهلك عرضا فصالحه على الدنانير ، أو دراهم ، أو عرضا إلى أجل لم يجز في العرض ، وجاز في الدنانير ، والدراهم إذا لم تكن أكثر من قيمة ما استهلك ، إن كان بالدنانير صالح بها . وإن كان بالدراهم صالح
[271]
[272]
بها ، وإن كان بهما جميعا صالح بما شاء من ذلك ، ولا يجوز الصلح بالعرض إلى أجل ، إلا إن يكون العرض الذي يدعيه قبله فإنما عنده لم يتغير .
[272]
[273]
كتاب المديان
وإذا وجب على العبد أو الحر دين فادعيا العدم ، فإن أقاما حميلا حتى عدمهما ، او استبرا أحدهما : لم يحبسا ، وإن لم يقيما حميلا : حبسهما القاضي حتى يثبتا عدمهما ، أو يكشف القاضي أهل الخبرة ، والمعرفة بهما ، من اهل العدل . فإن لم يوجد لهما مال حلف كل واحد منهما ما يجد لما يثبت عليه من الدين قضاء في عرض ، ولا قرض ، وإن وجدا قضى ... ، وإذا تبين لدد الغريم ، وأنه غيب مالا : حبسه أبدا حتى يأتي بماله .
باب لا يحبس الأبوان في دين ولدهما :
ولا يحبس الأبوان في دين ولدهما ، ويحبس سائر القرابات ، بعضهم لبعض ولا يستعمل الحر ، ولا العبد ولا يؤجران في الدين .
[273]
[274]
كتاب التفليس
لا يفلس الرجل ما كان له مال كفى بدينه ، فإن لم يكن له مال كفى بدينه ، وقام عليه غرماؤه ، أو واحد منهم : حبسه السلطان ، فإن قال الذي عليه الدين إن القوم (غيب) /133/ علي ديوني ، لم يصدق إذا لم يقر بذلك قبل التفليس ، فإن أقر بذلك قبل التفليس ، أو ثبت ذلك عدل للغيب أنصباؤهم ، وإذا أدى على أحد الغرماء (مال) : سجن المفلس ، وأبا سائرهم من سجنه : سجن (للطالب) .
وإذا أفلس ، أو مات وعليه دين ، إلى أجل حلت عليه ، وما كان له من دين إلى أجل ، فهو إلى أجله .
ومن وجد من الغرماء متاعه بعينه عنده ، كان أحق به في التفليس وهو في الموت أسوة الغرماء .
وأما الصناع فهم أحق بما في أيديهم في الفلس ، وهم في الموت أسوة الغرماء .
وأما الساقي يستأجر على سقي زرع ، أو أصل ، فهو أحق في التفليس ، وهو في الموت أسوة الغرماء والمستأجر على رعي غنم بأعيانها ، فهو أسوة الغرماء في الموت ، والفلس جميعا .
[274]
[275]
كتاب تضمين الصناع
يضمن الصناع الصناع بما تلف عندهم قيمته ، يوم دفع إليه دون أن يقوم بالعمل ، وإن كانوا قد عملوه ، ولا أجرة لهم في ذلك ، وإن قامت لهم بينة (عدلا) على تلف ذلك عندهم دون تضييع ، ولا تعد : فلا ضمان عليهم ولا أجرة لهم فيما عملوا .
وإذا أفسدوا العمل ، وكان العمل يسيرا : ضمنوا قيمة ما افسدوا .
وإن كان الفساد كثيرا : ضمنوا قيمة السلعة يوم قبضوها ، وأخذوا السلع لأنفسهم ، ولا اجرة لهم .
وأما الاجير فلا ضمان عليه فيما تلف بيده مما استؤجر عليه ، ولا فيما حدث في ذلك من نقصان عنده ، إلا أن يضيع أو يتعدى .
وإذا استؤجر على حمل طعام ، أو إدام ، فادعى تلفه : ضمن ، إلا أن يقيم البينة على تلفه : فلا ضمان عليه .
[275]
[276]
كتاب اللقطة
قال مالك : لا أحب /134/ لأحد أن يأخذ لقطة ، إلا أن يكون لها قدر ، ومن التقط لقطة ، فإنه يعرفها سنة - قليلة كانت أو كثيرة - في الموضع الذي التقطها فيه ، وحيث يظن أن صاحبها هنالك .
ومن التقط لقطة في أرض النصارى ، أو قرية نصارى ، ليس فيها احد من المسلمين ، فإنه يعرفها أساقفتهم ، في الموضع الذي التقطها فيه ، وحيث يظن أنه يصاحبها ، فإن جاء ضمنها له ، إلا أن يشاء صاحبها ألا يضمنها له ، فيكون له أجرها .
وإن كانت يسيرة ، وتصدق بها قبل سنة ، لم يكن بذلك بأس ، وإن أكلها ضمنها لصاحبها ، فإن جاء صاحبها ، وعرف صفتها وعفاصها ووكاءها ، أو الصفة والوكاء ، أو الصفة والعفاص : دفعت إليه . ورأى بعض أهل العلم : أن عليه اليمين ، فإن نكل : فلا شيء له ، ورأى بعضهم : إن نكل : دفعت إليه .
وإن التقط مالا يبقى في أيدي الناس ، من الطعام حتى يفسد له :
[276]
[277]
فليتصدق به ، فهو أفضل من أن يأكله ، وإن أبى صاحبه ، وقد أكله ، او تصدق به لم يضمنه تافها كان أو غير تافه - وإن كان فقيرا : فلا بأس بأن يأكله .
[277]
[278]
كتاب حريم الآبار
وليس للبئر ، ولا للعيون حريم ، إلا لما يضر بها فإذا ظهر الضرر : منع من إحداثها .
وما كان من آثار الماشية ، وذهب أحد إلى أن يحفرها ، أو يبني بقربها ، في موضع عطن الإبل ، أو مرابض الغنم ، أو البقر حول البئر .
[278]
[279]
كتاب الجوانح
إذا باع الثمرة بعدما بدا صلاحها ، فأصابتها جائحة ، تبلغ الثلث ، ثلث الثمرة فصاعدا ، وضع عن المشتري بقدر ما أصابت الجائحة .
وإن كان دون ثلث الثمرة : لم يوضع له شيء ، وقيل إنما يوضع له في الجائحة ، إذا بلغت ثلث الثمن فما فوقه ، ولا ينظر إلى ثلث الثمرة ، وهو قول /135/ أشهب.
وإن كانت الثمرة بطونا مثل المقثاء ، أو تجمع شيئا بعد شيء كالورود والياسمين ، أو يطيب بعضها دون بعض : مثل التفاح ، والخوخ ، ينظر إلى أول الثمرة وآخرها ، فإن كان ما أصابت الجائحة ثلث الثمرة نظر إلى كل بطن على قدر النفاق في الأسواق ، على تشاح الناس فيها ، ولامهم على الطري والجيد ، وفيه أرغب ، فينقص الثمن على ذلك .
وإن كانت قيمة ما أصابت الجائحة الثلث من قيمة جميع الثمرة : وضع مثل ذلك الجزء من الثمن .
[279]
***
Shafi 82