بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن برحمتك يا كريم
الحمد لله أولا وآخرا، والصلاة على رسوله محمد وآله وسلم كثيرا ذكر ما اختلف فيه الشافعي وأبو حنيفة - رضي الله عنهما - من
كتاب الطهارة
مما ورد فيه خبر أو أثر
Shafi 67
مسألة (1): لا تجوز إزالة النجاسات بما سوى الماء من المائعات كالخل واللبن وغيره
(¬1).
وقال أبو حنيفة: يجوز ويطهر به (¬2).
وأما أسفل الخف إذا أصابته نجاسة فدلكه بالأرض ثم صلى فيه، فللشافعي فيه قولان؛ يجزئه في أحدهما ولا يجزئه في الآخر (¬3).
فاحتج أصحابنا بما:
[1] أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ، وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنا ابن وهب، قال: أخبرني (ح).
Shafi 69
وحدثنا بحر بن نصر، قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك يحيى بن عبد الله بن سالم، ومالك بن أنس، وعمرو بن الحارث، عن هشام بن # عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنهم -، أنها قالت: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الثوب يصيبه الدم من الحيضة، فقال: "لتحته (¬1) ثم لتقرصه بالماء، ثم لتنضحه (¬2) بالماء، ثم لتصل فيه (¬3) ".
[2] أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن أحمد الحرشي قراءة عليه، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا الربيع بن سليمان، أنا الشافعي - رحمه الله -، أنا مالك، عن هشام، فذكره بنحوه (¬4).
اتفق محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري على إخراج هذا الحديث في الصحيح؛ فرواه البخاري عن عبد الله بن يوسف، عن مالك (¬5). ورواه مسلم عن أبي الطاهر، عن ابن وهب، عن ثلاثتهم (¬6).
[3] ورواه سفيان بن عيينة عن هشام، وقال في الحديث: "حتيه، ثم اقرصيه (¬7) بالماء، ثم رشيه، وصلي فيه".
أخبرناه أبو سعيد يحيى بن محمد الإسفراييني، أنا أبو بحر البربهاري، ثنا بشر بن موسى، ثنا الحميدي، ثنا سفيان، فذكره (¬8).
Shafi 70
وربما استدل أصحابهم بقوله تعالى: {وثيابك فطهر} (¬1)، وقد حصل ذلك بالمائعات.
ولنا عنه أجوبة؛ فمنها: امتناع تناوله ما تنازعنا فيه، وحمله عبد الله بن عباس وهو ترجمان القرآن على غير ذلك:
[4] أخبرناه أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان الشيرازي، أنا أبو القاسم الطبراني، ثنا ابن أبي مريم، ثنا الفريابي، ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس: {وثيابك فطهر} قال: طهرها من الإثم (¬2).
وأنشد ابن عباس:
إني بحمد الله لا ثوب فاجر ... لبست ولا من غدرة أتقنع (¬3)
[5] وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قراءة عليه، قال: سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول: سمعت أبا العباس محمد بن أحمد بن بالويه يقول: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: دخلت يوما على عبد الله بن طاهر وإذا عنده إبراهيم بن أبي صالح، فقال عبد الله بن طاهر لإبراهيم: يا إبراهيم، ما تقول في غسل الثياب، فريضة هو أم سنة؟ فأطرق إبراهيم ساعة ثم رفع رأسه فقال: أعز الله الأمير، غسل الثياب فريضة. فقال له عبد الله: من أين تقول يا إبراهيم؟ قال: من قول الله - عز وجل - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -:
Shafi 71
{وثيابك فطهر} (¬1)؛ فأمره بتطهير ثيابه. قال: فكأن عبد الله استحسن ذلك من قوله.
قال إسحاق: فرفعت رأسي فقلت: أعز الله الأمير، كذب هذا على الله وعلى رسوله؛ أخبرنا وكيع، ثنا إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: {وثيابك فطهر} قال: قلبك فنقه. وأخبرنا روح بن عبادة، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: {وثيابك فطهر} قال: عملك فأصلحه.
ثم ذكر إسحاق حديثا عن ابن عباس: "من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار". فقال عبد الله بن طاهر لإبراهيم بن أبي صالح: إياك أن تنطق في القرآن بغير علم (¬2).
وربما يستدلون (¬3) بما:
[6] أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قراءة عليه، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنا ابن وهب (ح).
قال: وحدثنا أبو العباس، ثنا بحر، قال: قرئ على ابن وهب: حدثك مالك بن أنس، عن محمد بن عمارة، عن محمد بن إبراهيم، عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنها سألت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني امرأة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر. فقالت أم سلمة: قال # رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يطهره ما بعده" (¬1).
Shafi 72
أم ولد إبراهيم لم يخرج حديثها في الصحيح، وما رويناه أصح.
ثم هو محمول على النجاسة اليابسة التي تسقط عن الثوب بالسحب على الأرض.
[7] أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن محمد (¬2) بن علي الروذباري الفقيه - رحمه الله - قراءة عليه، أنا أبو بكر محمد بن بكر بن عبد الرزاق التمار بالبصرة، ثنا أبو داود - يعني سليمان بن الأشعث السجستاني - ثنا عبد الله بن محمد النفيلي وأحمد بن يونس، قالا: ثنا زهير، ثنا عبد الله بن عيسى، عن موسى بن عبد الله بن يزيد، عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت: قلت: يا رسول الله، إن لنا طريقا إلى المسجد منتنة فكيف نفعل إذا مطرنا؟ قال: "أليس بعدها طريق هي أطيب منها؟ " قالت: قلت: بلى. قال: "فهذه بهذه" (¬3).
ليس لهذه المرأة ذكر في الصحيح، ولا لها اسم معلوم أو نسب معروف، ومثله لا يقابل ما روينا.
وربما يستدلون بما:
Shafi 73
[8] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى البزاز وأبو عبد الله محمد بن علي بن مخلد الجوهري، قالا: ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، ثنا محمد بن كثير، ثنا الأوزاعي، عن ابن # عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى، فإن التراب له طهور" (¬1).
كذا رواه إبراهيم بن الهيثم عن محمد بن كثير الصنعاني.
وخالفه غيره عن محمد بن كثير:
[9] أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد ، أنا أبو بكر أحمد بن سلمان (¬2)، أنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، ثنا محمد بن كثير المصيصي، عن الأوزاعي، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وطئ أحدكم بخفيه - أو قال: بنعليه - الأذى فطهورهما التراب" (¬3).
وخالفه أصحاب الأوزاعي في إقامة إسناده:
[10] أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، وأبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف بن يعقوب السوسي - من أصل كتابه قراءة عليه - قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أنا العباس بن الوليد بن مزيد، أنا أبي، قال: سمعت الأوزاعي قال: أنبئت أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدث عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وطئ أحدكم بنعله في الأذى، فإن التراب له طهور" (¬4).
Shafi 74
وكذلك رواه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج (¬1) وعمر بن عبد الواحد (¬2)، وهم أعرف بالأوزاعي من الصنعاني؛ فصار الحديث بذلك معلولا، وخرج من أن يكون معارضا لما روينا.
وروي هذا الحديث من وجه آخر:
[11] أخبرناه أبو زكريا يحيى بن إبراهيم، ثنا محمد بن يعقوب، أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنا ابن وهب (ح).
قال: وحدثنا بحر، قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك ابن سمعان أن سعيدا المقبري حدثه عن القعقاع بن حكيم أنه حدثه عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وطئ أحدكم بنعليه الأذى، فإن التراب لهما طهور" (¬3).
هكذا روي عن الأوزاعي، عن محمد بن الوليد، عن سعيد.
وهذا أيضا لا يعارض ما روينا؛ فإن الطريق فيه ليس بواضح إلى سعيد المقبري وهو مرسل؛ القعقاع لم يسمع من عائشة، وما روينا إسناده متفق عليه مخرج في الصحيحين.
وروي هذا الحديث من وجه آخر غير معتمد:
[12] أخبرناه يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، ثنا أبو العباس الأصم، أنا محمد، أنا ابن وهب (ح).
Shafi 75
وحدثنا بحر قال: قرئ على ابن وهب: أخبرك الحارث بن نبهان، عن # رجل، عن أنس بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جاء أحدكم المسجد فإن كان ليلا فليدلك نعليه، وإن كان نهارا فلينظر إلى أسفلهما" (¬1).
وقد تبع الشافعي حديث أبي هريرة فيه في الإملاء.
[13] أخبرنا الحسين بن محمد الروذباري، أنا أبو بكر بن داسة، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن كثير العبدي، ثنا إبراهيم بن نافع، قال: سمعت الحسن - يعني ابن مسلم - يذكر عن مجاهد قال: قالت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد فيه تحيض، فإن أصابه شيء من دم بلته بريقها ثم قصعته (¬2) بريقها (¬3).
[14] أخبرناه الحسين، أنا أبو بكر، ثنا أبو داود، ثنا النفيلي، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قد كان يكون لإحدانا الدرع تحيض فيه وفيه تصيبها الجنابة، ثم ترى فيه قطرة من دم فتقصعه بريقها (¬4).
وهذا ورد في النجاسة اليسيرة التي يعفى عنها وإن لم تغسل؛ يبينه قولها: ثم ترى فيه قطرة من دم، وعجز المرء عن إزالة كثير النجاسة بالبزاق، والله أعلم.
Shafi 76
[15] أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرني محمد بن عبد الله الشافعي، حدثني إسحاق بن الحسن، ثنا مسلم - يعني ابن # إبراهيم - ثنا شعبة، عن حماد، عن عمرو بن عطية، عن سلمان قال: إذا حك أحدكم جلده فلا يمسحه بريقه؛ فإنه ليس بطاهر.
قال: فذكرت ذلك لإبراهيم، فقال: امسحه بماء (¬1).
وإنما أراد به سلمان - رضي الله عنه - والله أعلم - أن الريق لا يطهر الدم الخارج منه بالحك.
وأما حديث عمار بن ياسر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا عمار، ما نخامتك ولا دموع عينيك إلا بمنزلة الماء الذي في ركوتك (¬2)، إنما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدم والقيء".
فهذا باطل لا أصل له، إنما رواه ثابت بن حماد، عن علي بن زيد، عن ابن المسيب، عن عمار (¬3).
وعلي بن زيد غير محتج به، وثابت بن حماد متهم بالوضع.
* * *
Shafi 77
مسألة (2): ولا يجوز الوضوء بنبيذ التمر مطبوخا كان أو نيا
(¬1).
وقال أبو حنيفة: يجوز بالمطبوخ منه (¬2).
وبناء المسألة لنا على الكتاب والنظر، ولهم على الخبر كما زعموا.
قال الله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا} (¬3)، فنقل من الماء إلى التراب ولم يجعل بينهما واسطة.
وقال في حديث أبي ذر - رضي الله عنه -: "الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو عشر حجج، وإذا وجد الماء فليمس بشره الماء؛ فإن ذلك هو خير (¬4) ".
فجعل الطهارة بالماء ثم بالصعيد عند عدم الماء دون غيرهما.
ويمكن أن يستدل من طريق الخبر في منع جواز استعمال النبيذ في الوضوء بما:
Shafi 78
[16] أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ - رحمه الله - قراءة عليه، أنا # أبو عبد الله محمد بن يعقوب، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا صالح بن مسمار المروزي، ثنا معن القزاز، ثنا عبد العزيز بن المطلب، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام".
أخرجه مسلم في الصحيح (¬1) عن صالح بن مسمار (¬2).
فثبت بهذا وقوع اسم الخمر على النبيذ لكونه مسكرا؛ وقد قال الله عز اسمه: {ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} (¬3)، فأمر باجتنابه؛ وذلك يقتضي منع استعماله من كل وجه.
واحتج أصحابهم بالحديث الذي:
[17] أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ، ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن حاتم الزاهد، ثنا محمد بن إسحاق الصنعاني بصنعاء، ثنا محمد بن جعشم، عن سفيان الثوري، عن أبي فزارة العبسي، ثنا أبو زيد - مولى عمرو بن حريث - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما كانت ليلة الجن تخلف منهم رجلان قالا: نشهد معك الفجر يا رسول الله. قال: فقال (¬4) النبي - صلى الله عليه وسلم -: "معك ماء؟ " قلت: ليس معي ماء، ولكن معي إداوة فيها نبيذ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تمرة طيبة وماء طهور" فتوضأ (¬5).
Shafi 79
هكذا رواه إسرائيل بن يونس، وليث بن أبي سليم، وقيس بن الربيع، وعمرو بن أبي قيس، والجراح بن مليح الرؤاسي، وشريك بن عبد الله النخعي، عن أبي فزارة (¬1).
ورواه سليمان بن أبي سليمان المؤذن، عن أبي فزارة، عن عبد الله بن يزيد الأزرق، عن ابن مسعود (¬2).
ورواه أبو العميس عتبة بن عبد الله، عن أبي فزارة، عن زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود.
ورواه شريك بن عبد الله - قد قيل: النخعي. وقد قيل: ابن أبي نمر - عن أبي زائدة أو زيادة، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.
أما حديث إسرائيل:
[18] فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ، ثنا (¬3) أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا عبيد الله بن موسى، أنا إسرائيل، عن أبي فزارة (ح).
وأخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي، ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام (¬4)، ثنا ابن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن أبي فزارة، عن أبي زيد - مولى عمرو بن حريث - عن ابن مسعود، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمعك ماء؟ " يعني:
Shafi 80
ليلة الجن، قلت: لا. قال: "فما هذه الإداوة! (¬1) " قلت: فيها نبيذ. فقال: "تمرة طيبة وماء طهور"، قال: فتوضأ وصلى (¬2).
وأما حديث ليث بن أبي سليم:
[19] فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر بن عبد الله، أنا الحسن بن سفيان، ثنا أبو حفص عمر بن يزيد السياري، ثنا عبد الوارث، عن ليث، عن أبي فزارة (ح).
وأخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي، أنا محمد بن الحسين بن حفص، ثنا محمد بن العلاء (¬3)، ثنا ابن إدريس، قال: سمعت ليثا، عن أبي فزارة، فذكره بنحو منه (¬4).
وأما حديث قيس بن الربيع:
Shafi 81
[20] فأخبرناه أبو محمد جناح بن نذير بن جناح المحاربي بالكوفة، أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، أنا أحمد بن حازم، أنا أبو غسان، أنا (¬5) قيس، ثنا أبو فزارة العبسي، عن أبي زيد، قال: ثنا عبد الله بن مسعود قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إني قد أمرت أن أقرأ على إخوانكم من الجن، ليقم معي رجل منكم، ولا يقم معي رجل في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر". قال: فقمت معه ومعي إداوة من ماء، حتى إذا برزنا (¬6) خط حولي خطة، # ثم قال: "لا تخرجن منها؛ فإنك إن خرجت منها لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة"، قال: ثم انطلق حتى توارى عني، قال: فثبت قائما حتى إذا طلع الفجر أقبل فقال: "ما لي أراك قائما؟ " قال: قلت: ما قعدت؛ خشيت أن أخرج منها. قال: "أما إنك لو خرجت (¬1) لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة، هل معك من وضوء؟ " قلت: لا. قال: "فماذا في الإداوة؟ " قلت: نبيذ. قال: "تمرة حلوة وماء طيب". ثم توضأ وأقام الصلاة، فلما قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع، فقال: "أولم آمر لكما ولقومكما ما يصلحكما؟ " قالا: بلى، ولكنا أحببنا أن نحضر معك الصلاة. قال: "ممن أنتما؟ " قالا: من أهل نصيبين. قال: "قد أفلح هذان وأفلح قومهما". وأمر لهما بالعظام والرجيع (¬2) طعاما وعلفا، ونهانا أن نستنجي بعظم أو روث (¬3).
وأما حديث الجراح بن مليح:
[21] فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا محمد بن علي بن دحيم الشيباني بالكوفة، ثنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا أبي، عن أبي فزارة، عن أبي زيد، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، نحوه (¬4).
وقبله حديث الثوري، عن أبي فزارة.
Shafi 82
وأما حديث شريك:
[22] فأخبرناه جناح بن نذير بن جناح القاضي بالكوفة، أنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم، ثنا أحمد بن حازم، أنا محمد بن سعيد - يعني ابن الأصبهاني - أنا شريك، عن أبي فزارة، عن أبي زيد، عن عبد الله قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن: "يا عبد الله، ناولني طهورا". قال: فناولته نبيذا فتوضأ، ثم قال: "تمرة (¬1) طيبة وماء طهور" (¬2).
وأما حديث عمرو بن أبي قيس:
فترك (¬3) بياضا (¬4).
وأما رواية سليمان بن أبي سليمان المؤذن:
[23] فأخبرناه أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه، أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني نصر بن علي، ثنا سليمان بن أبي سليمان المؤذن، عن أبي فزارة، عن عبد الله بن يزيد الأزرق، عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، نحوه.
وأما رواية أبي العميس:
Shafi 83
[24] فأخبرنا أبو عبد الله، أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق، أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، ثنا أبي، عن # ابن إسحاق، حدثني أبو العميس عتبة بن عبد الله بن مسعود، عن أبي فزارة، عن زيد - مولى عمرو بن حريث - عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال. فذكر قصة الجن والوضوء، ونبيذ التمر (¬1).
كذا في هذه الرواية، وقد قيل في هذه الرواية: عن أبي زيد مستقيما (¬2).
وأما رواية شريك:
[25] فأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنيه الحسين بن علي التميمي من أصل كتابه، ثنا محمد بن إسحاق، ثنا عمران بن موسى القزاز، ثنا عبد الوارث بن سعيد، ثنا أبو عبد الله الشقري، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أبي زائدة، عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
Shafi 84
[26] وأخبرنا أبو سعد الماليني، أنا أبو أحمد بن عدي، ثنا علي بن سعيد، ثنا عمران بن موسى النحاس، ثنا عبد الوارث بن سعيد، أنا أبو عبد الله الشقري، عن شريك بن عبد الله، عن أبي زيادة (¬3)، قال: كان # عبد الله بن مسعود صاحب وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "معك ماء؟ " قلت: لا إلا نبيذ في إداوة، قال: "تمرة طيبة وماء طهور". وتوضأ (¬1).
[27] وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، ثنا موسى بن زكريا التستري، حدثني أحمد بن أيوب الشعيري، ثنا عبد الوارث بن سعيد، ثنا أبو عبد الله الشقري، عن شريك النخعي، عن أبي زائدة، عن ابن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قصة ليلة الجن.
قال أبو عبد الله الحافظ: كذا قال: عن شريك النخعي، قال: وقد قيل بهذا الإسناد: عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر.
[28] أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الصوفي، أنا أبو أحمد بن عدي الحافظ، قال: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: أبو زيد الذي يروي حديث ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تمرة طيبة وماء طهور" رجل مجهول لا يعرف بصحبة عبد الله.
وروى علقمة عن عبد الله أنه قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
ورواه (¬3) شعبة عن عمرو بن مرة: سألت أبا عبيدة بن عبد الله، أكان # عبد الله مع رسول الله صلى الله عليه ليلة الجن؟ قال: لا (¬1).
Shafi 85
قال أبو أحمد بن عدي: وهذا الحديث مداره على أبي فزارة، عن أبي زيد - مولى عمرو بن حريث - وأبو فزارة مشهور واسمه راشد بن كيسان، وأبو زيد - مولى عمرو بن حريث - مجهول، ولا يصح هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو خلاف القرآن (¬2).
[29] سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ - رحمه الله - يقول: قد قيل: إنه كان نباذا (¬3) بالكوفة، يعني: أبا زيد.
قرأت في كتاب المجروحين لأبي حاتم محمد بن حبان البستي - رحمه الله -: أبو زيد شيخ يروي عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه، ليس يدرى من هو، ولا يعرف أبوه ولا بلده، والإنسان إذا كان بهذا النعت ثم لم يرو إلا خبرا واحدا خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأي؛ يستحق مجانبته فيما روى والإحتجاج بغيره (¬4).
فإن قيل: قد رواه غيره، واحتج بما:
[30] أخبرناه محمد بن عبد الله الحافظ، أنا أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه، أنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا محمد بن عباد المكي، ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليلة الجن: "أمعك # ماء؟ " قال: لا. قال: "أمعك نبيذ؟ " قال: نعم. فتوضأ به (¬1).
Shafi 86
قال أبو عبد الله الحافظ: هذا حديث تفرد به أبو سعيد مولى بني هاشم، عن حماد بن سلمة. وعلي بن زيد بن جدعان على الطريق، وهو ممن أجمع الحفاظ على تركه.
[31] أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي من أصل كتابه، والفقيه أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث الأصبهاني قالا: أنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ - رحمه الله - عقيب هذا الحديث: علي بن زيد ضعيف، وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، وليس هذا الحديث في مصنفات حماد بن سلمة، وقد رواه أيضا عبد العزيز بن أبي رزمة، يعني: عن حماد، وليس هو بقوي (¬2).
Shafi 87