Tunanin Tunani da Rubuta jin Rai
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Nau'ikan
والمترجم نفسه معروف بتأملاته وتصوفه؛ إذ يشاهد كل يوم غارقا مدة ساعتين في بحار عميقة من التأملات، وهذا لا يمنعه من تكريس نشاط منتظم لتهذيب كثير من النفوس، إذ أسس بمدينة بوليبور بجوار كلكتا مدرسة يديرها في الهواء الطلق يعد فيها أكثر من مائتي طالب، وهو وطني عظيم، درس المدنية الإنكليزية وآدابها ومشهور في إنكلترا أكثر منه في فرنسا، وقد حضر مؤتمر الأديان بباريس سنة 1913.
عرف الناس هذا الشاعر منذ ربيعه الثامن عشر، إذ أخرج لهم رواية تمثيلية موسيقية ثم أعقبها برواية قصصية، وقد ذاع شعره في جميع أقطار الهند حتى أصبح بعد زعيم شعراء الهند قاطبة، وأصبحوا يؤرخون به عصرا جديدا في الآداب الهندية يسمونه «الرابندراناتي».
وقد برع في الموسيقى كما برع في الشعر، وألف ألحانا يدل شكل نغماتها على تعبيرات عالية، ولحن قصائد تلحينا يدل على غزارة المادة ودقة الشكل، وترجم بنفسه ديوانه المسمى «القربان الشعري» من البنغالية إلى الإنجليزية، وكتب له الشاعر الأرلندي «يتس» مقدمة قال فيها:
إن بيتا مع قريض رابندرانات لينسي آلام الدنيا.
يعد المترجم من الشعراء المتصوفين ذوي النظم الجلي المعبر عن عنيف العواطف والآلام، وما فتئ يتطلب تجلي الخالق ويشعر بوجوده في جميع العالم، ولو أنه هندوكي صميم لكنه لا يغفل وهو ثمل بنشوة التأملات والخيالات عن الاتصال بالناس وشغفه بالطبيعة.
إنه يتهلل لجمال الطبيعة وقد جللها النور وكستها أزهار الربيع بشائق حللها، ويشجيه تغريد الطير فوق الدوح والخمائل، ويبسم لقوس قزح، ويفتنه جمال الزهر ويثمله أرجه العبق، ويصغي بفرح إلى خرير الأمواج ومداعبتها للسفن الماخرة، وقد عبر عن هذا الشغف في كثير من المواقف؛ كقوله في عرض قريضه: «قد دعيت إلى عيد الدنيا وبورك لي في حياتي.» وهذا ما يدل على أنه بعيد عن التشاؤم العظيم الذي اتصف به المفكرون من الهندوكيين.
إنه لا يخشى الموت ويرغب في الخلود الذي يجمعه مع الله، ولكنه يحب الحياة وجمال الدنيا.
نرى شاعرنا يتهلل فرحا أمام منظر الحياة العامة، ولكنه يرى الحياة في العمل والإجهاد، ويرى في الموت الدعة والسكون، فهو يطمح إلى النعيم المقيم ليتفانى في التقرب من الله، إذ يقول: «لقد تمكنت من الوصول إلى ضفاف الأبدية التي لا يخفى فيها شيء. أغمس حياتي المجوفة في هذا القاموس، أغمرها وسط هذا التمام حتى أشعر في ذاك العالم الكامل بتلك الملاطفة التي فقدتها في الحياة الدنيا.»
وهذا التمام والكمال بابه الموت الذي لا يخشاه تاجور، إذ يعتبر أن في المنون تمام الحياة والمسلك الموصل للقاء ربه، وأن الموت والحياة هما وجها الدنيا، فإن أحب أحدهما فلم لا يحب الآخر. ومن أبلغ ابتكاراته الشائقة السهلة قوله: «يئن الطفل حينما تنزع أمه ثديها الأيمن من فمه مع أنها لا تلبث أن تناوله الأيسر الذي يجد فيه عزاءه وسلوانه.»
طرق تاجور أغلب نواحي الأدب من فلسفة وشعر وروايات قصصية وتمثيلية وأقاصيص وحكايات وقطع فكاهية وغيرها، ولقد أجاد كل الإجادة في كل هذه الأنواع.
Shafi da ba'a sani ba