Tunanin Doki
خواطر حمار: مذكرات فلسفية وأخلاقية على لسان حمار
Nau'ikan
فوقفت وقفة الظافر، واتجهت بأبهة نحو مكتب العمدة الذي استعد لإعطاء الجائزة، فتقدمت نحوي الأم الطيبة ترانشيه ولاطفتني، ووعدتني بكمية كبيرة من الشعير، وبسطت يدها لاستلام الساعة وكيس النقود حين هم العمدة بإعطائهما إليها، وفي هذه اللحظة رأينا أندريه وجانو يجريان ويصيحان وهما مقبلان على العمدة: تمهل يا سيدي العمدة، تمهل فليس هذا عدلا، لأن هذا الحمار لا يعرفه أحد، وهو لا يخص الأم ترانشيه إلا ادعاء لأول نظرة، فهذا الحمار لا يعد في المسابقة، والذي جاء أولا في السباق هو حماري مع حمار جانو، فالساعة والكيس يجب أن يكونا لنا.
فسأل العمدة: أليست الأم ترانشيه قد وضعت في الكيس قطعة النقود؟ - نعم يا سيدي العمدة، ولكن ... - هل عارض أحد حين وضعت القطعة في الكيس؟ - لا يا سيدي العمدة، ولكن ... - هل في وقت السير في المسابقة حصلت منكما معارضة؟ - لا يا حضرة العمدة، ولكن ... - إذن فحمار الأم ترانشيه قد فاز بحق بجائزة الساعة والكيس.
فصاحوا معترضين: يا حضرة العمدة، اجمع أعضاء المجلس المحلي للفصل في الموضوع، فإنه ليس لك وحدك حق الاستئثار بالفصل فيه.
وتردد العمدة، فلما رأيته متوقفا قبضت بحركة عنيفة بأسناني على الساعة والكيس، ووضعتهما بلطف بين يدي الأم ترانشيه، التي كانت منتظرة رأي العمدة وهي مضطربة قلقة جازعة.
ولكن هذه الحركة جذبت الجمهور نحوي، وسمعت على أثرها ضجة التصفيق والاستحسان.
الأم ترانشيه وهي تستلم الجائزة بحضور العمدة (فقبضت على الساعة والكيس بأسناني ووضعتهما بين يدي الأم ترانشيه).
فقال العمدة وهو ضاحك: انتهى الفصل في الموضوع بواسطة الفائز نفسه لجانب الأم ترانشيه. ثم التفت إلى أعضاء المجلس فقال: هلموا نبحث حول المائدة هل كان من حقي أن أنصف هذا الحمار أم لا! ثم أضاف باستهزاء قوله وهو ينظر إلى أندريه وجانو: أنا أظن أن أغبى الحمير بيننا ليس هو حمار الأم ترانشيه! فصاح الناس من كل جانب: أحسنت يا حضرة العمدة.
واستمر الناس يضحكون ما عدا أندريه وجانو، فإنهما ذهبا وهما يهددان بقبضة يديهما وينظران إلي شزرا.
أما أنا فهل كنت مسرورا؟ كلا، فقد جرح العمدة كبرياء نفسي حين كان في نظري بعيدا عن الأدب، إذ وصف نوع الحمير بالغباوة في تهكمه على أندريه وجانو، فكان ذلك منه جحودا وظلما.
ولقد كنت في هذه المسابقة شجاعا صبورا ذكيا، فانظروا كيف كانت مكافأتي؟ حتى إن الأم ترانشيه شغلها الفرح بالحصول على الساعة والكيس، فنسيت من أحسن إليها وأوصل إليها هذه الجائزة، ولم تحقق لي وعدها بإعطائي مقدارا من الشعير كنت أرجوه بعد وعدها، ثم تركتني وانصرفت إلى محادثة الجمهور بدون مكافأتي على الربح الذي فازت به على يدي وبفرط جهدي.
Shafi da ba'a sani ba