Taswirar Sani
خريطة المعرفة: كيف فقد العالم أفكار العصر الكلاسيكي وكيف استعادها: تاريخ سبع مدن
Nau'ikan
كان ليوحنا الإشبيلي والليمي، الذي عمل أيضا في طليطلة، خلفية غامضة بعض الشيء. فيشار إليه بأسماء كثيرة مختلفة في المصادر المتنوعة؛ فمثلا يشار إليه بالإسباني، والطليطلي، والليمي، وأفيندوث، وابن داود، حتى إن الباحثين تساءلوا عما إذا كان أكثر من شخص واحد. وجهة النظر الحالية هي أنه ربما كان يهوديا سفارديا فر من اضطهاد الساميين في قرطبة تحت حكم الموحدين، واستقر في طليطلة واشتغل بالترجمة هناك في منتصف القرن الثاني عشر. (5)
هذا أمر غامض لأن دانيال مورلي، الذي قدم إلى طليطلة من إنجلترا بحثا عن المعرفة، يورد أنه سمعه يحاضر عن أهمية أطروحة أبي معشر «المدخل الكبير إلى علم أحكام النجوم». وبفرض أن دانيال كان يقول الحقيقة، فلا بد أن جيرارد كان على دراية واسعة بالموضوع، حتى إن لم تكن له تراجم فيه.
الفصل السادس
ساليرنو
في ذلك الوقت ازدهرت [ساليرنو] في فن الطب لدرجة أنه لم يكن في مقدور مرض أن يستقر فيها.
ألفونسو الأول، رئيس أساقفة ساليرنو
في منتصف القرن الحادي عشر، وصل تاجر من شمال أفريقيا يدعى قسطنطين إلى ميناء ساليرنو الإيطالي المزدحم ومعه شحنة من البضائع. أثناء إقامته في المدينة، أصابه المرض، فاستدعي طبيب محلي إلى فراشه. لا نعرف كنه العلاج الذي وصفه له هذا الطبيب وإذا ما كان قد ساهم في شفاء قسطنطين، ولكننا نعرف أن قسطنطين صدم من انعدام كفاءة الطبيب ؛ فالرجل لم يطلب حتى عينة من البول يستند إليها في تشخيصه. كان ما سيفعله أناس كثيرون هو أن يتجاهلوا التجربة، شاكرين الرب على نجاتهم، ومسارعين بالعودة إلى وطنهم المتحضر. ولحسن حظ تطور الطب الأوروبي، أن قسطنطين كان شخصية غير عادية؛ فقد بقي في ساليرنو وبدأ يسأل الأشخاص المحليين عن نوع الكتب الطبية التي كانت متاحة هناك، وأصابه الهلع عندما دلت الإجابات على القدر الضئيل لما كان الإيطاليون يعرفونه عن الطب.
لو كانت هذه القصة قد حدثت في أي مدينة أخرى في أوروبا في ذلك الوقت، لكان أمرا عاديا، بل مفهوما حتى. فقد كانت المعرفة الطبية متخلفة في أوروبا الغربية في النصف الثاني من الألفية الأولى. كان الأطباء قليلين ومتباعدين. كان يوجد بعض النصوص الطبية في الأديرة الكارولنجية وفي مكتبات البلاط الإمبراطوري، ولكن لم يكن كثير من الناس قد قرءوها وفهموها. عندما كانوا يصابون بمرض أو بجروح، كانت الأغلبية الساحقة تعتمد على خليط من الصلاة والأمل الأعمى و(غالبا) تمائم عديمة القيمة كانوا يشترونها من المعالج المحلي.
1
المفارقة الرائعة في قصة قسطنطين هي أن الحظ حالفه بأن أصابه المرض في ساليرنو؛ التي كانت في ذلك الوقت مركز المعرفة الطبية الأكثر تقدما في أوروبا كلها. في واقع الأمر، كان الطبيب الذي ازدرى قسطنطين معرفته في طليعة العلوم الإكلينيكية الغربية، وكان مدربا على يد أفضل الأطباء، باستخدام أحدث النصوص المتاحة في ذلك الوقت. كانت ساليرنو مشهورة، حتى إنها كانت تعرف - على الأقل في أوروبا - بأنها مدينة أبقراط. غير أن ازدراء قسطنطين للعلاج المتوفر يظهر بجلاء الهوة التي كانت قائمة بين الباحثين الأوروبيين ونظرائهم المسلمين. كانت المنطقة الناطقة بالعربية قد استفادت من قرون من المعرفة العلمية والبحوث الطبية؛ فكان لديهم مستشفيات وأدلة عملية وأدوات تشخيص ومعدات متخصصة لعلاج المرضى والمصابين. وعندما اكتشف قسطنطين أن العلاج الطبي الذي تلقاه كان أفضل من أي شيء آخر متاح في أوروبا، عقد العزم على المساعدة.
Shafi da ba'a sani ba