فارعَيْ رعاك الله مُسعفةً به ... ضيفًا متى ما يُرْعَ يومًا يشكُرِ
وافى يؤمّكِ راكبًا جُنْحَ الدُجى ... متقلّدًا ضوءَ الصباحِ المُسفِرِ
أحسن الصنعة حيث شبّه أدهمَهُ بالدجى، وصارمَه بالصّباح، وإنْ طبعه في قالب الأبيوردي بقوله:
فلكم هززتُ إليك أعطافَ الدُجى ... وركبتُ هاديةَ الصباحِ المسفِرِ
والفضل للمتقدّم.
ومنها للعامريّ:
فالحُسن للحسناء نوءٌ مُقلعٌ ... لا تُحمَدُ الأنواءُ ما لم تُمطِرِ
أنا ذو علمْتِ بلاغةً ونباهةً ... بين الأنامِ فخرتُ أو لم أفخَرِ
لا تُعرَفُ الفحشاءُ في بيتي ولا ... تدنو الدّنايا من جلالة عُنصُري
صارمتُ إذ صارمتُ ألأمَ معشرٍ ... ووصلتُ حينَ وصلتُ أكرمَ معشرِ
ناسٌ إذا الدّاعي دعا لمُلمّة ... لبّاه منهم كلّ أغلب مُخدِر
غضبانُ نصّل بالسّماكِ قناتَه ... عزًا وأنعلَ طِرفَه بالمشتري
فلتعلمِ الأمراءُ أنّي بعدَها ... جارٌ لمولانا الأميرِ الأكبرِ
للمنقِذيّ أبي العساكرِ والذي ... هو وحدَه من نفسه في عسكرِ
من ذاتُه من جوهرٍ ويمينُه ... من كوثرٍ ونسيمُه من عنبرِ
من لا يَني يستصغر النُعمى إذا ... أعطاكَها عفوًا وإن لم تصغُرِ
من لا تراه العينُ إلا خائضًا ... في عِثْيَرٍ أو صادرًا عن عِثيَرِ
بأسٌ لمستعر الضِّرامِ وهمّةٌ ... علياءُ أنست همّة الإسكندرِ
ويدٌ لها في كل أرضٍ منةٌ ... إثْرَ الحيا في كلّ عامٍ أغبرِ
أما الزمانُ فقد عنت أملاكُه ... طُرًّا لمَلْكٍ لا يُضامُ بشيزَرِ
غَمْرُ الرِّدا جزْلُ العَطا غدِقُ النّدى ... ضافي التُقى، صافي العلى والمفخرِ
قد خفّتِ الدنيا عليه لعُظمه ... حتى لكادَ يُقلّها بالخِنصَرِ
وأراه صائبُ رأيِه في يومه ... ما كان في غدهِ الذي لم يقدرِ
وأنشدني مجد العرب لنفسه:
حمِدتُ رجالًا قبل معرفتي بهم ... فلمّا تعارفنا ندِمتُ على الحمدِ
إبائي الذي لم يُبقِ لي الدهرُ غيرَه ... أبى لي مُقامي بينهم ضائعَ المجدِ
إذا قلتُ دانت لي سما كلِّ قائلٍ ... وإن صُلْتُ هانت صولةُ الأسد الورْدِ
وإلا فجانبت العلاءَ ونكّبتْ ... جَنابَ عميدِ الملكِ خيلي على عمدِ
وأنشدني لنفسه:
صبرنا على أشياءَ منكم مُمضّةٍ ... وما كلّ أبّاء مَضيمِ بصابرِ
وكم قد حلُمنا قادرينَ عليكُمُ ... وما قدْرُ حِلمٍ لا يكونُ لقادِر
وله في عمَر المَلاّ بالموصل:
لا تُنكِرَنّ عليّ يا شمسَ الهدى ... أني مررتُ عليك غيرَ مُسلِّمِ
فالشمسُ لا تخفى ولكنْ ضوؤها ... مُخْفٍ له عن ناظر المتوسّمِ
وأنشدني لنفسه بأصبهان رُباعية:
مالي ولمن أطاع عذْلي مالي ... القلبُ لمن يلومُ فيه لا لي
لم يخطُر لي سلوّكم في بالِ ... من أقبح ما قيل محبّ سالي
وأنشدني لنفسه من قصيدة:
إن لم تمَلّ فقد ملِلْتُ من النّدى ... ومظنّةُ العجبِ النّدى المملولُ
وقوله، وقد احتجب عنه بعض أكابرها:
لا تحتجبْ عن قاصِديك فدون ما ... يرجون من جدْواك ألفُ حجابِ
وعلى محيّاك الشّتيم جهامةٌ ... تغنيك عن بابٍ وعن بوّابِ
وقوله:
وفاتنِ الخلْقِ ساحرِ الخُلُقِ ... منتطق حيثُ حلّ بالحدَقِ
خفتُ ضَلالًا في ليل طُرّته ... فنابَ لي وجهُه عن الفلَقِ
بات ضجيعي وبتّ معتنقًا ... لطيفَ كشْحٍ شهيّ مُعتنَقِ
وقد خفِيا عن الرّقيب فما ... نمّ بنا غيرُ نشرِه العَبِقِ
وقوله:
1 / 30