وقلت: فإن أنت لم تصور ذلك كله صورة تغني عن المشافهة، وتكتفي بظاهرها عن المراسلة أحوجتنا إلى لقائك، على بعد دارك، وكثرة أشغالك، وعلى ما تخاف من الضيعة وفساد المعيشة.
فكتبت لك كتابا، أجهدت فيه نفسي ، وبلغت منه أقصى ما يمكن مثلي في الاحتجاج للقرآن، والرد على كل طعان. فلم أدع فيه مسألة لرافضي، ولا لحديثي، ولا لحشوي، ولا لكافر مباد، ولا لمنافق مقموع، ولا لأصحاب النظام، ولمن نجم بعد النظام، ممن يزعم أن القرآن خلق، وليس تأليفه بحجة، وأنه تنزيل وليس ببرهان ولا دلالة.
فلما ظننت أني قد بلغت أقصى محبتك، وأتيت على معنى صفتك، أتاني كتابك تذكر أنك لم ترد الاحتجاج لنظم القرآن، وإنما أردت الاحتجاج لخلق القرآن. وكانت مسألتك مبهمة، ولم أك أن أحدث لك فيها تأليفا، فكتبت لك أشق الكتابين وأثقلهما، وأغمضهما معنى وأطولهما.
Shafi 287