Keynes Gabatarwa Mai Sauƙi

Cabd Rahman Majdi d. 1450 AH
13

Keynes Gabatarwa Mai Sauƙi

جون مينارد كينز: مقدمة قصيرة جدا

Nau'ikan

كانت أهم الخدمات التي قدمها كينز في الفترة الأخيرة من حياته هي المساعدة في وضع أسس محلية ودولية للرأسمالية المحسنة التي أشارت إليها نظريته. وهناك ثلاثة من إسهاماته في إدارة الشئون الاقتصادية فيما بعد الحرب تستحق الوقوف عندها.

ظهرت أولى تلك الإسهامات في سياق التمويل وقت الحرب. كان من بين التبعات المحتملة للنظرية الكينزية أن ميزانية الحكومة ينبغي أن تستخدم لموازنة حسابات الأمة، لا الحكومة فقط، لضمان تساوي إجمالي العرض والطلب في ظل وضع التوظيف الكامل. لم تكن المشكلة في وقت الحرب تحقيق نسب التوظيف الكامل - التي تحققت عام 1940 - لكن في منع التضخم، الذي يرتفع فيه إجمالي الطلب عن إجمالي العرض. وكانت المهمة المحددة للتمويل وقت الحرب هي التأكد من أن الحكومة كانت السبب في الزيادة في الطلب الناتجة عن التوظيف الكامل، لا المستهلك الفردي. وفي ثلاثة مقالات منشورة في صحيفة «ذا تايمز» في أكتوبر 1939، وأعيد نشرها في صورة كتيب بعنوان «كيف تمول الحرب؟» قدم كينز مشروعا للادخار القسري أو «الدفع المؤجل»؛ حيث يتلاشى فائض القوة الشرائية أمام الضريبة الإضافية التصاعدية على جميع الدخول (مع تقديم تعويضات للفقراء في صورة إعانات أسرية)، ويعاد جزء منها في صورة أقساط بعد الحرب لمواجهة الكساد المتوقع حدوثه. ورغم أن هذا المشروع لم يتم تبنيه إلا جزئيا، فقد أصبح مذهب كينز التحليلي بجانب تقديرات الدخل القومي التي استخدمها لحساب حجم «الفجوة التضخمية» هما الأساس لخطط الميزانية طوال فترة الحرب، بدءا من ميزانية كينجسلي وود عام 1941. لكن أهمية النظام تتجاوز ذلك. ففي 1939 شك كينز في توافر إرادة «الديمقراطية الرأسمالية» لعمل «التجربة الكبرى» التي ستثبت نظريته. وأجريت التجربة وقت الحرب وثبتت صحة النظرية. فكان الاقتصاد يعمل بكامل طاقته ولم يكن هناك تضخم إلا بقدر قليل. وما يمكن تطبيقه وقت الحرب أمكن تطبيقه وقت السلام، أو كان هذا ما يبدو على الأقل.

كان ثاني إسهامات كينز الكبرى لنظام ما بعد الحرب هو اشتراكه في تأسيس نظام بريتون وودز. وكان هذا بقية عمل لم ينته خلفه انهيار النظام القديم. لم يكن كينز مؤيدا لتعويم العملة حتى في عمله «بحث في الإصلاح النقدي»؛ فقد أراد نظاما «مدارا» لسعر الصرف يتماشى مع الاستقرار «الفعلي» في أسعار الصرف لفترات طويلة.

وسمحت خطة كينز المشهورة، الخاصة بإنشاء «اتحاد المقاصة الدولي»، في عام 1942 بالربط بين العملة المحلية وأصل احتياطي جديد سماه «بانكور». وتحتفظ الدول التي لديها فائض بأرصدة من عملة بانكور في بنك اتحاد المقاصة الدولي، وتتاح للدول التي لديها عجز تسهيلات ائتمانية على المكشوف بحيث لا تتجاوز إجمالي الفائض. وضعت الخطة لتشجيع الدول على عدم تراكم فوائض ميزان المدفوعات لديها على نحو مستمر. ومع تبني الدول لتلك الخطة يمكن للدول المدينة تلقائيا السحب من أرصدة الدول المدينة من عملة بانكور. ومع أن تلك فكرة انهارت أمام مشروع هاري دكستر وايت البديل لاعتماد معيار صرف ذهب تدعمه آلية تعديل بسيطة (وهي صندوق النقد الدولي)، فقد استمر كينز في السعي للتوصل إلى اتفاقية بريتون وودز وحشد الدعم لها في بريطانيا؛ حيث شارك في جولتي مفاوضات شاقة في واشنطن عامي 1943 و1944. ومن خلال ذلك ، لعب كينز دورا حاسما في نقل بريطانيا (وأوروبا) إلى الجانب الليبرالي من النظام الاقتصادي الدولي فيما بعد الحرب.

أما الإسهام الثالث لكينز فكان التفاوض بخصوص القرض الأمريكي في الفترة بين سبتمبر وديسمبر من عام 1945. قدر كينز آنذاك أن عجز الحساب الجاري البريطاني سيصل مجمله إلى نحو 7 مليارات دولار في السنوات الثلاث الأولى بعد الحرب. وذهب كينز لواشنطن في سبتمبر 1945؛ طلبا لمنحة «غير مشروطة» قيمتها 5 مليارات دولار. وعاد - بعد ثلاثة أشهر مليئة بالنزاعات الشهيرة - بقرض قيمته 3,75 مليارات دولار، بشرط الالتزام بالسماح بتحويل الجنيه الاسترليني للعملات الأخرى بعد عام من تفعيل الاتفاق. وكانت تلك على الأرجح أكثر تجارب حياته إذلالا؛ فقد كان الاستجداء من الولايات المتحدة تجربة مريرة بالنسبة لشخص كان واحدا من المسئولين الكبار في أكبر إمبراطورية في العالم. لكن كينز ابتلع مرارتها، وأقنع حكومة حزب العمل الجديدة هي الأخرى بابتلاعها؛ لأنها - كما قال للورد هاليفاكس - كانت البديل لأساليب «النازيين أو الشيوعيين». كما ألقى خطابا بليغا في مجلس اللوردات البريطاني دفاعا عن الاتفاق.

لم يتعاف كينز تماما من الضغط العصبي الذي سببته مفاوضات القرض. وذهب إلى الولايات المتحدة مرة أخرى، وتحديدا إلى مؤتمر سافانا في مارس 1946، لتدشين صندوق النقد الدولي. وتورط كينز مرة أخرى في شجار مع الأمريكيين حول إدارة الصندوق. وكعادته كانت لديه مسئوليات أخرى. ففي أثناء الحرب أضيف لمسئوليات كينز في وزارة الخزانة واجباته بصفته رئيس مجلس تشجيع الموسيقى والفنون؛ إذ كان قد عين في عام 1945 أول رئيس لمجلس الفنون. وبعد وصوله إلى نيويورك في أعقاب مؤتمر سافانا، رتب كينز لزيارة فريق الباليه الأمريكي لدار الأوبرا الملكية بكوفنت جاردن، الذي قدم عرض «الجمال النائم» في إعادة افتتاح الأوبرا في 20 فبراير 1946، وذهب هو لمشاهدة العرض. وبعد شهرين - في 21 أبريل 1946 - توفي نتيجة تجلط شديد في الشريان التاجي. وأقيم له حفل تأبين في كنيسة ويستمينستر آبي، إلا أنه اختار قبل سنوات رثاءه الخاص عندما كان تلميذا في إيتون؛ حيث اقتبس مقطعا من قصيدة بيرنار ناسك كلوني التي بعنوان «في ازدراء العالم»:

ليس فقط هؤلاء

الذين يسمعون أصداء حديث السماء بوضوح

هم من يستحقون الاحترام؛ فهم مباركون في جميع الأحوال .

لكن هؤلاء الذين يسمعون

Shafi da ba'a sani ba