الشيخ الإمام العارف بالله تعالى الشيخ عبد الرحمن الشبريسي وسأله لها الدعاء، فقال له: إن زوجتك آمنة معها ولدان أحدهما يموت بعد سبعة أيام والآخر يعيش زمانًا طويلًا، وسمه بأبي الفتح، وسيكون له فتح من الله تعالى، وتوكل على الله وسير إلى الله. يعيش سعيدًا، ويموت شهيدًا. يخرج من الدنيا كيوم ولدته أمه يضع قممه على جبل قاف المحيط يسوح زمانًا، وينال من الله أمانًا، فاستوص به خيرًا، واصبر عليه، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا، فلما وضعته أمه كان الأمر كما قال الشيخ عبد الرحمن، فصنع والده وليمة بعد تمام أربعين يوما من ولادته، ودعا الشيخ عبد الرحمن وجماعة من الفقراء والصالدين وأضافهم، فلما رفعوا السماط حمله أبوه ووضعه بين أيديهم، فأخفه الشيخ عبد الرحمن الشبريسي وحنكه بتمرة، ثم مضغها وعصرها في فيه، ثم طلب شيئًا من العسل فأحضر له، فلعق الشيخ عبد الرحمن ثلاث لعقات، ثم ألعق المولود ثلاثا، ثم وضعه بي يدي الفقراء، وأمرهم فلعقوا منه، ثم قرأ الفاتحة سبع مرات، ثم قال لوالد الشيخ أبي الفتح: ادفع هذا لأمه لا يشاركها فيه أحد ولا تخش على الولد المبارك، فوالله إني لأرى روحه تجول حول العرش، ثم خرج من ساعته، وكان والد الشيخ أبي الفتح يقول حكايات الإشبريس.
نقلت هذه الحكاية ملخصًا من خط الشيخ أبي الفتح في كتابه المسمى بالحجة الراجحة. قال: ثم إني رأيته - يعني الشيخ عبد الرحمن - بعد مدة، فلما أقبلت عليه قبل بين عيني، ونظر بعين لطفه إلي، ثم لقنني الذكر وأخذ علي العهد، ثم قال: عش في أمان الله، مؤيدًا بالله، هائمًا بالله، فانيًا عما سواه، باقيًا به. أنت إمام زمانك، وفريد أوانك، مقدمًا على أقرانك، مباركًا على إخوانك، رعاك الله حفظك الله آواك الله " فرحين بما آتاهم من فضله " " سورة آل عمران: الآية ١٧ " الآية. قال: ثم ألبسني الخرقة الشريفة، ثم قال: أيامنا انقضت، وساعاتنا انقرضت، قال: فلما تم لي سبع سنين لبستها من يد الشيخ الإمام الورع الزاهد الناسك العابد العارف أبي الحسن
علي الدمنهوري الصوفي، ومن يد الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الأتكاوي يوم عاشر المحرم سنة خمس وعشرين وثمانمائة بلباسهما من الشبريسي، ثم نشأ الشيخ أبو الفتح، وطلب العلم والحديث، وتفقه بجماعة أولهم جده لأبيه القاضي نور الدين أبو الحسن علي، وهو أخذ الفقه والحديث عن جماعة منهم الحافظ علاء الدين علي بن إبراهيم بن داود بن سليمان بن سالم بن سلامة العطار، وتفقه ابن العطار بالشيخ الإمام الحافظ الفقيه أبي زكريا
1 / 13