والحكمة النظرية أيضا ثلاثة أقسام لأنها إما علم بأحوال ما لا يفتقر في الوجود الخارجي والتعقل، أي الإدراك والوجود الذهني إلى المادة كالإله، ويسمى بالإلهي، إذ مسائلها منسوبة إلى.
الإله، وبالعلم الأعلى إذ لا يبحث فيه إلا عن الرب الأعلى وعن العقول وهي الملأ الأعلى، وأيضا لتنزهه عن المادة وعوارضها التي هي مبدأ للنقصان، أليق بهذا الاسم وبالفلسفة الأولى تسمية للشيء باسم سببه، إذ هذا العلم سبب للفلسفة؛ وهي في اللغة اليونانية التشبه بحضرة واجب الوجود.
و
توصيفها بالأولى
لحصولها من العلة الأولى وهي الإله، وبالعلم الكلي للعلم بالأمور العامة التي هي الكليات الشاملة لجميع الموجودات أو أكثرها. وبما بعد الطبيعة وقد يطلق عليه على سبيل الندرة ما قبل الطبيعة أيضا، وذلك لأن لمعلوماته قبلية وتقدما على معلومات الحكمة الطبيعة «1» باعتبار الذات والعلية والشرف، وبعدية وتأخرا باعتبار الوضع لكون المحسوسات أقرب إلينا، فسمي بهما بالاعتبارين. وإما علم بأحوال ما يفتقر إليها في الوجود الخارجي دون التعقل كالكرة، ويسمى بالعلم الأوسط لتنزهه عن المادة بوجه، وهو التعقل، وبالرياضي لرياضة النفوس بهذا العلم أولا، إذ الحكماء كانوا يفتتحون به في التعلم، وبالتعليمي لتعليمهم به أولا، ولأنه يبحث فيه عن الجسم التعليمي. وإما علم بأحوال ما يفتقر إليها في الوجود الخارجي والتعقل كالإنسان، ويسمى بالعلم الأدنى لدناءته وخساسته من حيث الاحتياج إلى المادة في الوجودين، وبالعلم الأسفل وهو ظاهر، وبالطبعي «2» لأنه يبحث فيه عن الجسم من حيث اشتماله على الطبيعة. والحصر في الأقسام الثلاثة استقرائي، إذ لم يجدوا موجودا في الأعيان يكون مفتقرا إلى المادة في التعقل دون الوجود الخارجي، فلا يكون العلم بأحواله من الحكمة. ومنهم من ربع القسمة فجعل ما لا يفتقر إلى المادة قسمين: ما لا يقارنها مطلقا كالإله والعقول، وما يقارنها لا على وجه الافتقار، فسمي العلم بأحوال الأول إليها، وبأحوال الثاني علما كليا والفلسفة الأولى، ولا منافاة بين هذين التقسيمين، كما أنه لا منافاة بين تقسيمي الحكمة العملية. ويمكن أن يجعل ما يقارن المادة لا على وجه الافتقار قسمين أحدهما ما يقارنها، وقد يفارقها كمباحث الأمور العامة، وثانيهما ما يقارنها ولا يفارقها كمباحث الصورة. ولعلهم لم يعتبروا أفراد هذا القسم لقلة مباحثه. ومبادئ هذه الأقسام مستفادة من أرباب الشريعة على سبيل التنبيه، ومتصرفة على تحصيلها بالكمال بالقوة العقلية على سبيل الحجة.
اعلم أن
أقسام الحكمة النظرية
أصولا وفروعا مع أقسام المنطق على ما يفهم من رسالة تقسيم الحكمة «3» للشيخ الرئيس أربعة وأربعون، وبدون أقسام المنطق خمسة وثلاثون. فأصول الإلهي خمسة: الأول الأمور العامة. الثاني إثبات الواجب وما يليق به. الثالث إثبات الجواهر الروحانية.
الرابع بيان ارتباط الأمور الأرضية بالقوى السماوية. الخامس بيان نظام الممكنات، وفروعه قسمان: الأول البحث عن كيفية الوحي وصيرورة المعقول محسوسا، ومنه تعريف الإلهيات، ومنه الروح الأمين. الثاني العلم بالمعاد الروحاني. وأصول الرياضي أربعة: الأول علم العدد. الثاني
Shafi 52