المنزل. وفي بعض الكتب ويسمى علم تدبير المنزل والحكمة المنزلية. وفائدتها أن تعلم المشاركة التي ينبغي أن تكون بين أهل منزل واحد لتنتظم بها المصلحة المنزلية التي تهم بين زوج وزوجة، ومالك ومملوك، ووالد ومولود. وإما علم بمصالح جماعة متشاركة في المدينة «1» ويسمى السياسة المدنية، بفتح الميم والدال المهملة لا بضمهما، سميت بها لحصول السياسة المدنية أي مالكية الأمور المنسوبة إلى البلدة بسببها. وفي بعض الكتب ويسمى علم السياسة والحكمة السياسية والحكمة المدنية وسياسة الملك. وفائدتها أن تعلم كيفية المشاركة التي بين أشخاص الناس ليتعاونوا على مصالح الأبدان ومصالح بقاء نوع الإنسان.
واعلم أن
فائدة الحكمة
الخلقية عامة شاملة الجميع أقسام الحكمة العملية. ثم مبادئ هذه الثلاثة من جهة الشريعة وبها تتبين كمالات حدودها، أي بعض هذه الأمور معلومة من صاحب الشرع على ما يدل عليه تقسيمهم الحكمة المدنية إلى ما يتعلق بالملك والسلطنة إذ ليس العلم بهما من عند صاحب الشرع، كذا ذكر السيد السند في حواشي شرح حكمة العين «2».
ومنهم من قسم المدنية إلى علم بمصالح جماعة متشاركة في المدينة تتعلق بالملك والسلطنة ويسمى علم السياسة، وإلى علم بمصالح مذكورة تتعلق بالنبوة والشريعة ويسمى علم النواميس.
وتربيع القسمة لا يناقض التثليث لدخول قسمين منها في قسم واحد عند من يثلث القسمة. قيل في تربيع القسمة نظر، لأن التعلق بالشريعة كما يجري في المدينة «3» كذلك يجري في الآخرين. فالوجه في التقسيم على هذا أن يقال كل واحد من الأقسام الثلاثة إما أن يعتبر تعلقه بالشريعة أو لا، فالأقسام ستة حاصلة من ضرب الثلاثة في الاثنين.
ثم اعلم أن موضوع الحكمة العملية الأفعال الاختيارية؛ فالمراد بقولهم علم بمصالح شخص أو جماعة أنه علم بأحوال أفعال اختيارية صالحة تتعلق بكل شخص أو جماعة. وفي الصدري «4» موضوع الحكمة العملية النفس الإنسانية من حيث اتصافها بالأخلاق والملكات انتهى.
ثم توضيح الحصر في الأقسام الثلاثة أن الأفعال الاختيارية لا بد لها من غاية وفائدة، وتلك الفائدة عائدة إلى كمال القوة العملية للشخص، إما بالقياس إلى نفسه أو إلى الاجتماع مع جماعة خاصة أو عامة. فالعلم بأحوال الأفعال بالقياس إلى الأول تهذيب الأخلاق وبالقياس إلى الثاني تدبير المنزل وبالقياس إلى الثالث السياسة المدنية. فلا يرد أنه يتداخل الأقسام إذا كان لفعل واحد فائدة راجعة إلى الكل. ولا يرد أيضا أن أكثر مباحث الحكمة الخلقية غير مخصوص بشخص بانفراده، بل يصلح لمصالح الجماعة. ولا يرد أيضا أنه يخرج عن الحكمة العملية العلم بمصالح جماعة متشاركة في غير المنزل والمدينة كالقرية وأمثالها.
Shafi 51