ورئي يوما على شاطئ دجلة وبيده قرن يضرب به على فخذه حتى حرجه وهو لا يشعر وينشد:
كان لي قلب أعيش به ... ضاع مني في تقلبه
رب فاردده علي فقد ... ضاق صدري في تطلبه وأغلث ما دام بي رمق ... يا غياث المستغيث به
وروي أنه أنشد يومًا:
تريد مني اختبار سري ... وقد علمت المراد مني
وليس لي في سواك حظ ... فكيف ما شئت فاختبرني
فاعتراه حبس البول، واشتد عليه الألم، وكان يصبر على شدة ذلك الألم، فرآه بعض أصحابه في المنام، كأنه يدعو الله بالشفاء، فلما أخبره بذلك علم أن المقصود التأدب بآداب العبودية، وإظهار العجز، والافتقار. فخرج يدور، وكلما وصل إلى مكتب كتاب قال لمن فيه من الأطفال ادعوا لعمكم الكذاب.
استعينوا على نجاح الحوائج بالكتمان لها.
الحاجزي
هيجت وجدي يا نسيم الصبا ... إن كنت من نجد فيا مرحبا
جدد فدتك النفس عهد الهوى ... بذلك الحي وتلك الربى
إن المقيمين بسفح اللوى ... من لا أرى لي غيرهم مذهبا
أبقوا الأسى لي بعدهم مطعمًا ... والدمع حتى تلتقي مشربا
مازلت أبكي الشعب من بعدهم ... حتى غدا من أدمعي معشبا
كيف احتيالي من هوى شادن ... ما رمت منه الوصل إلا أبى
ظبي من الترك ولكنه ... أضحى لحتفي فيه مستعربا
يا معرضًا عرض بي للردى ... ما كنت للإعراض مستوجبا
حملت قلبي منك ما لو غدا ... بالجبل الشامخ أضحى هبا