ولا يجب النهاية فيه، بحيث يكون كأبي نصر (1) وابن سينا (2)، بل الواجب منه على المستدل، المعرفة بكيفية دلالة الألفاظ الثلاث، ومعرفة
(1) أبو نصر محمد بن طرخان الفارابي الحكيم المشهور، من كبار فلاسفة المسلمين، حتى قيل ان الشيخ الرئيس أبو علي سينا بكتبه تخرج وبكلامه انتفع. صاحب التصانيف الشهيرة في المنطق والموسيقى.
ولد سنة 370 ه في بلدة فاراب. انتقلت به الاسفار إلى ان وصل إلى بغداد وهناك اشتغل بعلوم الحكمة وأخذ عن أبي بشر الحكيم. ثم ارتحل إلى مدينة حران وأخذ عن يوحنا بن جيلان الحكيم النصراني طرفا من المنطق أيضا. ثم قفل راجعا إلى بغداد وتفرغ هناك إلى الفلسفة، وكان الفارابي زاهدا في الدنيا، منفردا بنفسه لا يجالس الناس معتكفا على كتابة تصانيفه. وكان مقتصرا على أربعة دراهم لكل يوم، كان يجريها عليه سيف الدولة من بيت المال. ولم يزل على ذلك إلى ان توفي بدمشق سنة (339) وقد ناهز الثمانين، وصلى عليه سيف الدولة في أربعة من خواصه، ودفن بظاهر دمشق خارج الباب الصغير.
والفارابي نسبة إلى فاراب وهي مدينة فوق شاش في بعض ثغور الترك وراء نهر سيحون بالقرب من كاشغر من المدن العظام في تخوم الصين.
الكنى والألقاب ج 3 ص 6.
(2) أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا البخاري، الفيلسوف المعروف الملقب بالشيخ الرئيس. وحكى عن نفسه كما نقل ذلك في الكنى والألقاب أنه قال:
«لما بلغت التمييز، سلمني أبي إلى معلم القرآن ثم إلى معلم الأدب» وكلفني استاذي بكتاب الصفات، وغريب المصنف، ثم أدب الكاتب، ثم إصلاح المنطق، ثم كتاب العين، ثم شعر الحماسة، ثم ديوان ابن الرومي ثم تصريف المازني ثم نحو سيبويه، فحفظت تلك الكتب في سنة ونصف السنة ولو لا تعويق الاستاذ لحفظتها بدون ذلك. ثم شرعت في علم الطب وصنفت القانون، وأنا ابن ست عشرة سنة، فمرض نوح بن منصور الساماني، فجمعوا الأطباء لمعالجته فجمعوني معهم فرأوا معالجتي خيرا من معالجاتهم، فصلح على يدي، فسألته أن يوصي خازن كتبه أن يعيرني كل كتاب طلبت، ففعل،
ورأيت في خزانته كتب الحكمة لأبي نصر طرخان الفارابي، فاشتغلت بتحصيل الحكمة ليلا ونهارا حتى حصلتها، فلما انتهى عمري إلى أربع وعشرين كنت افكر في نفسي ما كان شيء من العلوم اني لا أعرفه.
تصانيفه الشهيرة كثيرة، منها القانون في الطب، الشفاء، والإشارات، والمبدأ والمعاد، ورسائل عديدة في الحكمة. توفي بهمدان سنة 428 أو 427.
الكنى والألقاب: 1 ص 320. المبدأ والمعاد لابن سينا: ص 14.
Shafi 82