أما اللغة:
فقد عرفت أن العقل لا مجال له في تحصيل شيء منها، لأنها إما اصطلاحية، أو توفيقية، أو لا يعلم أحدهما، وعلى كل تقدير لا مجال للعقل هنا، فهي إنما تعرف بالنقل من أهل العربية، أما متواترا أو آحادا، فما تواتر منها فلا كلام فيه، لكونه معلوما بالضرورة، وأما الآحاد فلا بد من نقلها، ويكفي في ذلك أخذها من الثقات الماهرين (1)، أو من الكتب المشهورة، إما بحفظ ذلك، أو بالمراجعة عند الحاجة إلى أصل من اصولهم، معلوما بالنقل عنهم، أو بالشهرة المغنية عن النقل، وقد قالت شيوخنا رحمهم الله، يكفي في ذلك عند الحاجة بجهل بعض الكلمات العربية، الرجوع إلى مثل كتاب الصحاح للجوهري (2)،
(1) في (م): الثقات المعاصرين. وما اثبتناه من (ج).
(2) كتاب الصحاح للإمام أبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، إمام العربية، والمبتكر لطريقة جديدة في المعاجم اللغوية، والتي ضمنها لكتابه الصحاح، دون ان يتبع سبيلا سبقه إليه أحد، وليجعلها سنة لمن يأتي بعده، وتتمثل هذه الطريقة باقتفاء الحرف الأخير من الكلمة التي يراد بيانها ويسمى بمنهج التقفية، ليجدد بذلك مدرسة الخليل في العين وابن دريد في الجمهرة. وليحدث مدرسة ثالثة هي مدرسة الجوهري في الصحاح، وكان دأب الجوهري في الكتاب ان يجمع الكلمات الصحاح من اللغة، وإلى ذلك ترجع تسمية الكتاب بالصحاح.
والجوهري من مدينة فاراب، أخذ عن خاله إبراهيم الفارابي وعن السيرافي والفارسي، دخل بلاد ربيعة ومضر فأقام بها مدة في طلب علم اللغة ثم عاد إلى خراسان واقام بنيسابور مدة. توفي الجوهري سنة 393 مترديا من سطح داره.
كشف الظنون: ج 2 ص 1071، مقدمة الصحاح لأحمد بن عبد الغفور عطار، معجم الادباء: ج 6 ص 151.
Shafi 77