Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Nau'ikan
فصل في أن لهذا العالم صانعا صنعه ومدبرا دبره
دليل ذكره الإمام المهدي عليه السلام وهو أن يستدل على ثبوت الصانع تعالى بحدوث الأعراض التي لا يقدر عليها الخلق كالروائح والطعوم ونحوهما، ثم يستدل على حدوث الأجسام التي هي السماوات والأرض وما فيهما من الحيوانات والأشجار والأثمار بخبره تعالى على ألسنة رسله إلى الخلق.
قلت: وهذا الدليل جيد لا غبار عليه وثمرته عدم المؤنة في تحرير أدلة الأعراض على حدوث الأجسام حسبما مر، ولكنه إنما يفيد العلم على القول بالعدل دون القول بالجبر، لأن القول لا يعلم صدقه إلا إذا علم أن قائله عدل لا يجوز عليه الكذب وأن مبلغه صادق، وكل ذلك لا يتأتى على قواعد المجبرة من أن الفعل لا يقبح إلا للنهي عنه، فإذا كان الفعل لا يقبح إلا للنهي والله تعالى غير منهي فلا مانع أن يكذب أو يرسل من يجوز منه الكذب، فلا يعلم صدق الخبر حينئذ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وهذه من أعظم فواقر الجبر فبعدا لمذهب يلزم منه عدم تصديق الباري تعالى وكتبه ورسله، فالدليل الذي ذكره الإمام عليه السلام جيد بعد تقرير أدلة العدل الآتية في بابها من أنه تعالى لا يفعل القبيح لغنائه عنه وعلمه بقبحه وعلمه باستغنائه عنه كما سنقرر أدلة كل واحد من هذه الأصول في بابها إن شاء الله تعالى.
Shafi 94