Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Nau'ikan
أن المحدث لا بد له من محدث
وأما الطرف الثاني: وهو أن المحدث لا بد له من محدث.
فقد اختلف علماؤنا رحمهم الله تعالى في العلم بذلك، فقيل: إن العلم بذلك ضروري لا يحتاج إلى نظر واستدلال وهو قول بعض أئمتنا عليهم السلام وأبي القاسم البلخي وأبي الحسين والشيخ محمود وغيرهم، وقيل: بل العلم بذلك استدلالي وهو قول الإمام المهدي عليه السلام وبعض المعتزلة، والأول هو الصحيح لأنه قد عد من علوم العقل العشرة الضرورية، قال الإمام يحيى عليه السلام: من وجد بناء في فلاة فإنه يعلم أن له بان ضرورة.
قلت: والأظهر والله أعلم أن أهل القول الثاني إنما أرادوا بذلك في الغائب فقط، فأما الشاهد فلا نتصور مخالفتهم فيه لأنهم يقيسون احتياج فعل الغائب إليه على احتياج فعل الشاهد إليه وإلا لجاز عندهم وجود دار مبنية على أكمل البناء ووجود سفينة بجميع آلاتها، وصيغ حلية من الذهب والفضة بلا فاعل، وهذا هوس ونوع من الجنون:
بناء بلا بان له وكتابة .... بلا كاتب أين العقول التي تدري؟
قال النجري رحمه الله تعالى ناقلا عن بعض الأصحاب: ينبغي أن يفصل، فيقال: إن علم أن المحدث حدث مع الجواز بالضرورة كأفعالنا فالعلم بأن له محدثا ضروري كما يقول أبو القاسم، وإن لم يعلم حدوثه مع الجواز بالضرورة فالعلم به استدلالي كحدوث العالم وكحدوث المسببات ومن ثمة أمكن فيها الخلاف قال: وهذا التفصيل هو الأقرب إلى أصول أصحابنا وهو المأخوذ من قواعدهم وهو مختار الإمام عليه السلام.
قلت: وهذا يفهم مما سيأتي من استدلال المؤلف عليه السلام في إثبات صانع العالم تعالى، وإبطال المؤثرات التي زعمها أهل الإلحاد فتأمل والله أعلم، فهذا الكلام في الأصل الثاني.
Shafi 78