Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Nau'ikan
معنى الإدراك في قوله تعالى:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك
الأبصار{
واعلم أن الاستدلال بالآية الكريمة ينبغي معه معرفة مفردات الكلمات المذكورة فيها باعتبار الحقيقة والمجاز فيستلزم معرفة معنى الإدراك، ومعرفة معنى الإبصار، ومعرفة معنى إسناد الإدراك إلى الإبصار وإلى الله تعالى، وقد جمعنا الجميع في هذه الجملة لتقرير الدلالة على وجه يسقط معه اعتراض الخصوم ويكون منزلة هذه الجملة من الوجهين الأولين بمنزلة التكميل والتحقيق وبمثابة التفصيل والتدقيق، لأن الرازي اعترض استدلال أصحابنا بالآية مع أنها دلالة ظاهرة لا يسبق الفهم عند سماع الآية إلا أن المراد منها هو نفي أن تراه سبحانه وتعالى أعين الناظرين ويخفى عليه شيء من أحوال المبصرين، ولكن العلم نقطة كثرها الجاهلون.
فاعترض الرازي ذلك الاستدلال بأن قال ما معناه: غاية ما في الآية أن الأبصار لا تدركه.
وهو مسلم لأن الأبصار هي المعاني القائمة بالأحداق وهي لا تراه وإنما يراه الإنسان المبصر بها، فظاهر الآية متروك إجماعا فلا بد من التأويل حيث قد ترك ذلك الظاهر بالاتفاق، فإما أن يجعلوا الإبصار بمعنى المبصرين بالأبصار فهو تعالى من جملة المبصرين فيدخل في ما شمله العموم في: {وهو يدرك الأبصار {، فيلزم أن يرى نفسه، فصارت رؤيته تعالى جائزة في نفس الأمر غير مستحيلة، وكل من صح أن يرى نفسه صح أن يراه غيره، فتنقلب الآية دليلا لمثبتي الرؤية لا لمن نفاها.
وكذلك اعترض بأن النفي في الآية موجه إلى كل الأبصار.
وهو مسلم لأن الكفار لا يرونه، لأن هذه سالبة كلية ونقيضها موجبة جزئية، وإذا نفي أحد النقيضين ثبت الآخر لاستحالة ارتفاع النقيضين ونحو ذلك من الاعتراضات التي بلي بها أهل التحقيق والتدقيق.
فينبغي معرفة الثلاثة الأبحاث المذكورة ليتم المراد من الاستدلال، ويعرف بطلان هذين الاعتراضين المذكورين بخصوصهما.
Shafi 286