Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Nau'ikan
قلت: ولا يبعد أنهما صارا حقيقة دينية بالنقل عن معناهما اللغوي إلى لازمه وصارا فيه حقيقة كما قال بعض أئمتنا عليهم السلام ومن وافقهم في رحمن ورحيم: إذ لو كانا مجازا لاحتاجا إلى قرينة، وقال بعض أئمتنا عليهم السلام: بل هما بمعنى حي لا آفة به، ولعلهم يريدون أصلهما في اللغة كذلك ولا مانع فإن ظاهر قوله تعالى: {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا} [الإنسان:2]، يشهد لذلك أي حيا لا آفة به تمنعه عن إدراك المسموع والمبصر عند إعمال حاسة السمع وحاسة البصر في المسموع والمبصر، ولا يمكن حمل الآية على عالم بهما لأنه قد يعلم المبصر من لا يشاهده كالأعمى والغائب عنه بواسطة الخبر من اختار أنهما بمعنى عالم ذلك إلا في حق الباري تعالى دون الشاهد، فجعلوهما حقيقة لمن يدرك المسموع بمعنى محله الصماخ، ومن يدرك المبصر بمعنى محلة الحدق.
إذا عرفت ذلك معنى السميع البصير، فلا خلاف بين كل من أقر بالصانع المختار أن الله تعالى سميع بصير، والخلاف في ذلك يحكى عن الباطنية كما مر لهم في غيرها من الصفات: أنه تعالى لا يوصف بنفي ولا إثبات. وننظر في إلزام المطرفية ذلك، فإن جعلناهما بمعنى حي لا آفة به، فيحتمل عدم الإلزام من حيث أنهم لا يخالفون في ذلك، ويحتمل الإلزام من حيث أنهم ألزموا في حي أن لا يكون حيا، كذلك يأتي هذان الاحتمالان إن جعلناهما بمعنى عالم، فتأمل.
قال عليه السلام: [ فإن قيل: ] لك أيها الطالب الرشاد [ أربك سميع بصير ؟ فقل: أجل ] - أي نعم - هو سميع بصير.
والدليل على ذلك أما على مذهب أهل القول الأول فلا إشكال، لأنه تعالى عالم بجميع المعلومات ومن جملتها المسموعات والمبصرات وسائر المدركات، فيجب أن يكون سميعا بصيرا مدركا لجميع المدركات، وهذا الدليل مبني على أصلين:
Shafi 212