Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Nau'ikan
قلنا: قد يكون العلم ضروريا والعلم بكونه ضروريا استدلالي، ألا ترى أن العلم بتعلق الفعل بفاعله من حيث أن العمارة لا تصح إلا من عمار معلوم لكل عاقل علما ضروريا بحيث لا يختلف في ذلك اثنان، فهاهنا أمران كل واحد منهما معلوم لنا أحدهما صفة للآخر، فالموصوف العلم والصفة كونه ضروريا، فالعلم بكون العمارة لا تصح إلا من عمار حاصل لكل عاقل، فأما كونه ضروريا فإنما استدللنا عليه بقولنا: بحيث لا يختلف في ذلك اثنان، فلما نظرنا أنه لا يختلف في ذلك اثنان علمنا أن ذلك العلم ضروري، فالذي تطرقت إليه الشبهة وأثرت انتفاءه عند من ذكر من المعتزلة ومن وافقهم هو كونه ضروريا لا نفس العلم من ذاته فهو باق لديهم، وإنما خلافهم في كونه ضروريا فتأمل.
وأما انتفاء العلم بكونه تعالى حيا عند أهل الإلحاد فلا يقدح في كونه ضروريا إلا لو قدرنا موافقتهم لنا في كونه تعالى فاعلا مختارا ثم يخالفون في كونه حيا، فأما وهم مخالفون في نفس إثبات الصانع فلا يقدح على من أثبته فاعلا مختارا في العلم الضروري أنه حي، لأن مثابة هذا الخلاف مثابة رجلين رأيا شبحا على بعد علمه أحدهما قطنا وظنه الآخر حجرا، فالعلم الأول أنه قطن وإن كان عن استدلال لا يقدح عليه إنكار مخالفه في أن النار محرقة ضرورة لما خالفه في الأصل أنه قطن واعتقد أنه حجر إذ لو سلم أنه قطن لعلم أن النار تحرقه ضرورة فتأمل.
Shafi 158