============================================================
الناس بألحج يأتوك (1) رجالا وعلى كل ضام يأتين من كل فج عميق) . بيان هذا أنه لا بد من إمام متم(2) يدعو ويشير إلى الامام(2)، وإلى الناطق فالأذان مثل الامام المتم، والاقامة مثل الناطق، وكذلك الأذان بالحج، فالحج مثل الناطق ، والأذان مثل الأمام الذي يدعو ويشير إلى الناطق . فمعنى قوله: وآذن في الناس بالحج يأثوك رجالا) . يعني أقم في الناس الامام يدعو إلى الناطق، وكذلك مقام ابراهيم في مسجد مكة، عنده يقوم الذي يؤم(4) بالناس في الصلاة، ويتوجه إلى البيت، فمقام ابراهيم في ذلك الموضع مثل الامام الذي تجري الدعوة من قبله وبطاعته واتباعه للناطق عليه السلام فمعنى هذا القول أن الأذان صاحب الدعوة، وأنه يستحق أن يكون في مقام إبراهيم، فما أبين هذا الخطاب لمن كان له قلب (5) .
افهم أيها السائل واعقل مراد الله تعالى بهذا الخطاب لتعلم أن البارىء عدل في جميع الأشياء ظاهرها وباطنها، وإنما طلب الناس بالموجود، لا بالمعدوم، وأقام لهم مؤذنا يؤذنهم إلى معرفة الله (1) سبحانه، ويبين لهم مكنون سره، فمن أجاب ذلك المؤذن والناطق فقد سعد، فالمؤذن لا بد منه لأنه بأذانه طولب العباد، وبه أبصر الناس وإلى دعوته أتوا من أقاصي البلاد وأدانيها، وهذا معنى في الباطن لطيف خفي امن كان له جوهر لطيف، ولم يكن له جسم كثيف (4) بلا جوهر لطيف، والجوهر اللطيف هو العقل الصافي، والثاقب، وهو الروح الطاهر الزكي، وهو العلم الباطن، فهذه بعضها شاهد لبعض ومثل له، والجسم الكثيف المركب الذي إذا اخرج منه الروح وصار في هذه الجمادات ولا يتصور به المتصور شيئا بلا روح ولا
Shafi 107