علمائهم، وتسفيه آرائهم، فحينئذ شمروا له، ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفه أحلامنا، وعاب ديننا، وشتم آلهتنا، ومعلوم أنه ﷺ لم يشتم عيسى، وأمه ولا الملائكة، والصالحين، لكن لما ذكر أنهم لا يُدْعَوْنَ، وأنهم لا ينفعون، ولا يضرون جعلوا ذلك شتمًا.
فإذا عرفت هذا عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحّد الله، وترك الشرك إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة، والبغضاء كما قال تعالى: ﴿لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [المجادلة: ٢٢] الآية فإذا فهمت هذا فهمًا جيدًا عرفت أن كثيرًا من الذين يدعون الدين لا عَرَفَهَا ولا فَهِمَهَا، وإلا فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك العذاب، والأسر، والضرب، والهجرة إلى الحبشة، مع أنه ﷺ أرحم الناس، ولو وجد لهم رخصةً لأرخص لهم، كيف وقد أُنْزِلَ عليه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ﴾ [العنكبوت: ١٠] فإذا كانت هذه الآية فيمن وافقهم بلسانه ذا أو ذي فكيف بغير ذلك، انتهى.
فتبين أن هذا كان من رسول الله ﷺ في أول الأمر، فلما أُنْزِلَ عليه: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر:٩٤] بادأهم بسب دينهم، وتسفيه آرائهم، شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة، إذًا فإن من عادى أعداء الله