متأخري العلماء بأن يتخذه الإنسان في محل ورده ومصلاه الذي يخلو العبد فيه بربه حيث لا يراه أحد ولا ينظرون إليه، وأما ما يفعله الناس اليوم فحاشا وكلا بل هو إلى الريا والسمعة أقرب منه إلى السنة، وكونه بهذا الوجه بدعة محدثة أوضح من الشمس في رابعة النهار، وإذا كان ذلك كذلك فما وجه الاعتراض والتشنيع على من نهي عنه، وسماه بدعة، بل الذي أجازه مطلقًا قد فتح للناس بابًا من الريا والسمعة.
ومما يوضح لك ما نقلناه أن العمل إذا كان على غير الوجه المشروع يكون بابَ ضلالة ما رواه الدارمي قال أخبرنا الحكم عن ابن المبارك قال أخبرنا عمرو بن يحيى قال سمعت أبي يحدث عن أبيه قال: كما نجلس على باب ابن مسعود قبل صلاة الغداة١ فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد، فجاء أبو موسى فقال: أَخَرَجَ عليك أبو عبد الرحمن بعد؟ قلنا: لا. فجلس معنا فلما خرج قال: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت آنفًا شيئًا في المسجد أنكرته والحمد لله، ولم أر إلا خيرًا. قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه. قال: رأيت في المسجد حلق خيرٍ جلوس ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول لهم: كبروا مائة، فيكبرون مائة فيقول: هللوا مائة، فيهللون مائة،.فيقول: سبحوا مائة، فيسبحون مائة. قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئًاَ انتظر رأيك.