غيرهم يعتقد أن قبور الصالحين كعبة يصح الطواف بها أو تصح الصلاة إليها حتى نخاف عليهم من ذلك. وإنما العامة جميعهم يعلمون أن القبلة هي الكعبة وحدها.
وأنها في مكة ولكنهم يبالغون في التعظيم والاحترام لتلك القبور لأنها قبور أولياء الله تعالى وقبور أحبائه تعالى وأهل صفوته. هذا مقدار ما نعلم من أحوالهم والمؤمن لا يظن بالمؤمنين إلا خيرا.
وقد ورد في الحديث كما أخرجه الأسيوطى رحمه الله تعالى في الجامع الصغير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسن الظن من حسن العبادة. وقال تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن أن بعض الظن أثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا) الآية. ويجب الحمل على الكمال في حق عامة المؤمنين كما كان يعاملهم النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه باطلاع الله تعالى له إن منهم المنافقين الذين كانوا يبطنون الكفر والجحود ويظهرون الإيمان. ومع ذلك كان يعامل الجميع معاملة أهل الإيمان لأنه جاء يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر كما قال عليه الصلاة والسلام. أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله. ولا ينبغي لمسلم أن ينكر كل ما يراه حدث ولم يكن في العصر الأول ما لم يطلع على قباحته وأن فاعله فعله على وجه يخالف ما هو مقصود الدين المحمدي. أرأيت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سن سنة حسنة كان له، ثوابها وثواب من عمل بها إلى يوم القيامة. فقد سمى ما تحدثه الأمة بعده مما هو غير مخالف لمقصود شرعه سنة مع أنه لم يكن له وجود في زمنه صلى الله عليه وسلم. فالبدعة الحسنة الموافقة لمقصود الشرع تسمى سنة على هذا، تسمية وردت على لسان الشارع صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا القبيل ما ذكره الفقهاء في مبحث زيارة النبي صلى الله عليه وسلم من قولهم وما يفعله بعض الناس من النزول بالقرب من المدينة والمشي إلى أن يدخلها حسن.
وكل ما كان أدخل في الأدب والاجلال كان حسنا كما ذكره والدي رحمه الله تعالى في حاشيته على شرح الدرر في كتاب الحج.
Shafi 15