إلى الشيطان يتلاعب به ليبغض من يحبهم الله تعالى فيعرضه للاستخفاف بهم وبكراماتهم وإهانة قبورهم واحتقارها مع أن المعلوم عند من قرأ في علم العقائد والتوحيد أن الأرواح لها اتصال بالأجساد بعد الموت كاتصال شعاع الشمس بالأرض والروح في مقرها فيجب احترام قبور المؤمنين البتة لهذا المعنى حتى قال الجلال السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه " بشرى الكئيب بلقاء الحبيب ". قال اليافعي: مذهب أهل السنة أن أرواح الموتى ترد في بعض الأوقات من عليين أو من سجين إلى أجسادهم في قبورهم عند إرادة الله وخصوصا ليلة الجمة ويجلسون ويتحدثون وتتنعم أهل النعيم وتعذب أهل العذاب. قال: ويختص الأرواح دون الأجسام بالنعيم والعذاب ما دام في عليين أو سجين وفي القبر يشترك الروح والجسد انتهى.
ومما يدل على اتصال الأرواح بالأجسام في القبور بعد الموت ما نقله في بحر الكلام للإمام النسفي رحمه الله تعالى من قوله في عذاب القبر. فإن قيل:
كيف يوجع اللحم في القبر ولم يكن فيه الروح؟ فالجواب: سئل النبي صلى الله عليه وسلم أن قيل له: كيف يوجع اللحم في القبر ولم يكن فيه الروح: فقال عليه الصلاة والسلام: كما يوجع سنك وإن لم يكن فيه الروح؟ ألا ترى إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن السن يتوجع لما أنه متصل باللحم، وإن لم يكن فيه الروح. فكذلك بعد الموت لما كان روحه متصلا بجسده فيتوجع انتهى وهذا صريح في أن روحانيات الموتى متصلة بأجسامهم التي في قبورهم وإن بليت أجسامهم وصارت ترابا. ولهذا جاء الشرع باحترام قبورهم كما ذكرناه فيما تقدم. فكيف لا ينبغي للمؤمنين احترام قبورهم وتعظيمها وزيارتها والتبرك بها وهم يعلمون أن الروحانيات الكاملة الفاضلة متصلة بتلك الأجساد الطيبة الطاهرة كما هو مقتضى الأخبار النبوية وأن صارت ترابا. ولا أرى المنكر لذلك إلا جاهلا يعتقد من جهله أن الأرواح أغراض تزول بالموت كما تزول الحركة عن الميت، طبق ما هو مذهب بعض الفرق الضالة، حتى أنهم يزعمون أن الأولياء إذا ماتوا صاروا ترابا والتحقوا بتراب الأرض وذهبت روحانياتهم، فلا حرمة لقبورهم. ولهذا يهينونها ويحتقرونها وينكرون على من زارها وتبرك بها حتى إني سمعت بأذني رجلا يقول يوما وأنا أسمع وكنت
Shafi 12