كان فرضا محالا فإن العقل يحكم بعدم احتياجه إلى المؤثر فعلم أن علة الحاجة هي الإمكان لا غير الثاني أن الحدوث كيفية للوجود فيتأخر عنه تأخرا ذاتيا والوجود متأخر عن الايجاد والإيجاد متأخر عن الاحتياج والاحتياج متأخر عن علة الاحتياج فلو كان الحدوث علة الحاجة لزم تقدم الشئ على نفسه بمراتب وهو محال.
المسألة الثلاثون: في أن الممكن محتاج إلى المؤثر أقول: اختلف الناس هيهنا فقال قوم إن هذا الحكم ضروري أعني أن احتياج الممكن لا يحتاج إلى برهان فإن كل من تصور تساوي طرفي الممكن جزم بالضرورة أن أحدهما لا يترجح من حيث هو مساو أعني من حيث ذاته بل من حيث إن المرجح ثابت وهذا الحكم قطعي لا يقع فيه شك وقال آخرون أنه استدلالي وهو خطأ وسبب غلطهم أنهم لم يتصوروا الممكن على ما هو هو.
المسألة الحادية والثلاثون: في وجوب وجود الممكن المستفاد من الفاعل قال: ولا يتصور الأولوية لأحد الطرفين بالنظر إلى ذاته.
أقول: قد بينا أن الممكن من حيث هو هو لاعتبار وجود علته أو عدمها فإن وجوده وعدمه متساويان بالنسبة إليه وإنما يحصل ترجيح أحدهما من الفاعل الخارجي فإذا لا يمكن أن يتصور أولوية لأحد الطرفين على الآخر بالنظر إلى ذاته.
قال: ولا يكفي الخارجية لأن فرضها لا يحيل المقابل فلا بد من الانتهاء إلى الوجوب.
أقول: أولوية أحد الطرفين بالنظر إلى وجود العلة أو عدمها هي الأولوية الخارجية فإن كانت العلة مستجمعة لجميع الشرائط منتفيا عنها جميع الموانع
Shafi 46