في الأعيان شرع في الدلالة على كل واحد من الثلاثة فبدأ بالوجوب الذي هو أقربها إلى الوجود إذ هو يؤكده فبين أنه ليس ثبوتيا والدليل عليه أنه لو كان موجودا لكان ممكنا والتالي باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية إنه صفة المغير والصفة مفتقرة إلى الموصوف فالوجوب مفتقر إلى ذات الواجب فيكون الوجوب ممكنا وأما بطلان التالي فلأنه لو كان الوجوب ممكنا لكان الواجب ممكنا لأن الواجب إنما هو واجب بهذا الوجوب الممكن والوجوب الممكن يمكن زواله فيخرج الواجب عن كونه واجبا فيكون ممكنا هذا خلف.
قال ولو كان الامتناع ثبوتيا لزم إمكان الممتنع.
أقول: هذا حكم ضروري وهو أن الامتناع أمر عدمي وقد نبه هيهنا على طريق التنبيه لا الاستدلال بأن الامتناع لو كان ثبوتيا لزم إمكان الممتنع لأن ثبوت الامتناع يستدعي ثبوت موصوفه أعني الممتنع فيكون الممتنع ثابتا هذا خلف.
قال. ولو كان الإمكان ثبوتيا لزم سبق وجود كل ممكن على إمكانه.
أقول: اختلف الناس في أن الإمكان الخاص هل هو ثبوتي أم لا وتحرير القول فيه أن الإمكان قد يؤخذ بالنسبة إلى الماهية نفسها لا بالقياس إلى الوجود وهو الإمكان الراجع إلى الماهية وقد يؤخذ بالنسبة إلى الوجود من حيث القرب والبعد من طرف العدم إليه وهو الإمكان الاستعدادي أما الأول فالمحققون كافة على أنه أمر اعتباري لا تحقق له عينا وأما الثاني فالأوائل قالوا إنه من باب الكيف وهو قابل للشدة والضعف والحق يأباه والدليل على عدمه في الخارج أنه لو كان ثابتا مع أنه إضافة بين أمرين أو ذو إضافة لزم ثبوت مضافيه اللذين هما الماهية والوجود فيلزم تأخره عن الوجود في الرتبة هذا خلف.
قال: والفرق بين نفي الإمكان والإمكان المنفي لا يستلزم ثبوته.
Shafi 42