قال: ثم العدم قد يعرض لنفسه فيصدق النوعية والتقابل عليه باعتبارين.
أقول: العدم قد يفرض عارضا لغيره وقد يلحظ لا باعتبار عروضه للغير فيكون أمرا معقولا قائما برأسه ويكون له تحقق في الذهن ثم إن العقل يمكنه فرض عدمه لأن الذهن يمكنه إلحاق الوجود والعدم بجميع المعقولات حتى بنفسه فإذا اعتبر العقل للعدم ماهية معقولة وفرضها معدومة كان العدم عارضا لنفسه ويكون العدم العارض للعدم مقابلا لمطلق العدم باعتبار كونه رافعا له وعدما له ونوعا منه باعتبار أن العدم المعروض أخذ مطلقا على وجه يعم العارض له ولغيره فيصدق نوعية العدم العارض للمعروض والتقابل بينهما باعتبارين.
قال: وعدم المعلول ليس علة لعدم العلة في الخارج وإن جاز في الذهن على أنه برهان آني وبالعكس لمي.
أقول: لما بين أن الأعدام متمايزة بأن عدم المعلول يستند إلى عدم العلة ذكر ما يصلح جوابا لتوهم من يعكس القول ويجعل عدم المعلول علة لعدم العلة فأزال هذا الوهم وقال وعدم المعلول ليس علة لعدم العلة بل الأمر بالعكس كما يأتي ثم قيد النفي بالخارج لأن عدم المعلول قد يكون علة لعدم العلة لكن لا في الخارج بل في الذهن كما في برهان آني بأن يكون عدم المعلول أظهر عند العقل من عدم العلة فيستدل العقل عليه ويكون علة له باعتبار التعقل لا باعتبار الخارج ولا يفيد العلية في نفس الأمر بل في الذهن ولهذا سمى آنيا لأنه لا يفيد إلا الوجود في الذهن أما الاستدلال بعدم العلة على عدم المعلول فهو برهان لمي مطابق للأمر نفسه.
المسألة العشرون: في أن عدم الأخص أعم من عدم الأعم قال: والأشياء المترتبة في العموم والخصوص وجودا تتعاكس عدما.
Shafi 35